Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 71-71)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ } أمره عليه السلام أن يذكّرهم أقاصيص المتقدّمين ، ويخوّفهم العذاب الأليم على كفرهم . وحذفت الواو من « ٱتل » لأنه أمر أي ٱقرأ عليهم خبر نوح . { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } « إذ » في موضع نصب . { يٰقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ } أي عظم وثقل عليكم . { مَّقَامِي } المقام بفتح الميم : الموضع الذي يقوم فيه . والمُقام بالضم الإقامة . ولم يُقرأ به فيما علمت أي إن طال عليكم لُبْثي فيكم . { وَتَذْكِيرِي } إياكم ، وتخْويفي لكم . { بِآيَاتِ ٱللَّهِ } وعزمتم على قتلي وطردي . { فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ } أي اعتمدت . وهذا هو جواب الشرط ، ولم يزل عليه السلام متوكلاً على الله في كل حال ، ولكن بيّن أنه متوكل في هذا على الخصوص ليعرف قومه أن الله يكفيه أمرهم أي إن لم تنصروني فإني أتوكّل على من ينصرني . قوله تعالى : { فَأَجْمِعُوۤاْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ } قراءة العامة « فَأَجْمِعُوا » بقطع الألف « شُرَكَاءَكُمْ » بالنصب . وقرأ عاصم الجَحْدرِيّ « فٱجْمعُوا » بوصل الألف وفتح الميم من جَمع يجمع . « شُرَكَاءَكُمْ » بالنصب . وقرأ الحسن وٱبن أبي إسحاق ويعقوب « فأجمِعوا » بقطع الألف « شركاؤكم » بالرفع . فأما القراءة الأُولى من أجمع على الشيء إذا عزم عليه . وقال الفراء : أجمع الشيء أعدّه . وقال المؤرّج : أجمعت الأمر أفصح من أجمعت عليه . وأنشد : @ يا ليت شعري والمُنَى لا تنفع هل أَغْدُوَنْ يوماً وأمري مُجْمَعُ @@ قال النحاس : وفي نصب الشركاء على هذه القراءة ثلاثة أوجه قال الكسائي والفراء : هو بمعنى وٱدعوا شركاءكم لنصرتكم وهو منصوب عندهما على إضمار هذا الفعل . وقال محمد بن يزيد : هو معطوف على المعنى كما قال : @ يا ليت زوجَك في الوَغَى متقلّدا سَيْفاً ورُمْحاً @@ والرمح لا يُتقلّد ، إلا أنه محمول كالسيف . وقال أبو إسحاق الزجاج : المعنى مع شركائكم على تناصركم كما يقال : التقى الماء والخشبةَ . والقراءة الثانية من الجمع ، اعتباراً بقوله تعالى : { فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ } [ طۤه : 60 ] . قال أبو معاذ : ويجوز أن يكون جَمَعَ وأجْمع بمعنًى واحد ، « وشركاءكم » على هذه القراءة عطف على « أمركم » ، أو على معنى فأجمعوا أمركم وأجمعوا شركاءكم ، وإن شئت بمعنى مع . قال أبو جعفر النحاس : وسمعت أبا إسحاق يجيز قام زيد وعمراً . والقراءة الثالثة على أن يعطف الشركاء على المضمر المرفوع في أجمعوا ، وحسن ذلك لأن الكلام قد طال . قال النحاس وغيره : وهذه القراءة تبعد لأنه لو كان مرفوعاً لوجب أن تكتب بالواو ، ولم يُرَ في المصاحف واو في قوله « وشركاءكم » ، وأيضاً فإن شركاءهم الأصنام ، والأصنام لا تصنع شيئاً ولا فعل لها حتى تُجْمِع . قال المهدويّ : ويجوز أن يرتفع الشركاء بالابتداء والخبر محذوف ، أي وشركاءكم ليجمعوا أمرهم ، ونسب ذلك إلى الشركاء وهي لا تسمع ولا تبصر ولا تميز على جهة التوبيخ لمن عبدها . قوله تعالى : { ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً } اسم يكن وخبرها . وغُمّة وغَمّ سواء ، ومعناه التغطية من قولهم : غُمّ الهلال إذا استتر أي ليكن أمركم ظاهراً منكشفاً تتمكنون فيه ممّا شئتم لا كمن يخفَى أمرُه فلا يقدر على ما يريد . قال طرفَة : @ لعمرك ما أمري عليّ بغُمّة نهاري ولا ليلي عليَّ بسَرْمَد @@ الزجاج : غمّة ذا غم ، والغم والغُمّة كالكَرْب والكُرْبة . وقيل : إن الغمة ضيق الأمر الذي يوجب الغم فلا يتبيّن صاحبه لأمره مصدراً لينفرج عنه ما يغُمّه . وفي الصحاح : والغمة الكربة . قال العجاج : @ بل لو شهدت الناس إذ تُكُمُّوا بغُمّة لو لم تُفَرَّج غُمُّوا @@ يقال : أمْرٌ غُمّة ، أي مُبْهَم ملتبس قال تعالى : { ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً } . قال أبو عبيدة : مجازها ظلمة وضيق . والغمة أيضاً : قعر النِّحْي وغيره . قال غيره : وأصل هذا كله مشتق من الغمامة . قوله تعالى : { ثُمَّ ٱقْضُوۤاْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ } ألف « ٱقضوا » ألف وصل ، من قضى يقضي . قال الأخفش والكسائي : وهو مثل . { وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ ٱلأَمْرَ } [ الحجر : 66 ] ، أي أنهيناه إليه وأبلغناه إياه . ورُوي عن ابن عباس « ثُمَّ ٱقْضُوا إلَيَّ وَلاَ تُنْظِرُونِ » قال : ٱمضوا إليّ ولا تؤخرون . قال النحاس : هذا قول صحيح في اللغة ومنه : قَضَى الميت أي مضى . وأعلمهم بهذا أنهم لا يصلون إليه ، وهذا من دلائل النبوّات . وحكى الفراء عن بعض القراء « ثم أفضوا إليّ » بالفاء وقطع الألف ، أي توجهوا يقال : أفضت الخلافة إلى فلان ، وأفضى إليّ الوجع . وهذا إخبار من الله تعالى عن نبيه نوح عليه السلام أنه كان بنصر الله واثقاً ، ومن كيدهم غير خائف علماً منه بأنهم وآلهتهم لا ينفعون ولا يضرون . وهو تعزيةٌ لنبيه صلى الله عليه وسلم وتقويةٌ لقلبه .