Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 1-4)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { الۤر } . تقدّم القول فيه . { كِتَابٌ } بمعنى هذا كتاب . { أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } في موضع رفع نعت لكتاب . وأحسن ما قيل في معنى { أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } قول قَتَادة أي جعلت محكمة كلّها لا خَلَل فيها ولا باطل . والإحكام منع القول من الفساد ، أي نُظمت نظماً مُحْكَماً لا يلحقها تناقض ولا خَلَل . وقال ٱبن عباس : أي لم ينسخها كتاب ، بخلاف التوراة والإنجيل . وعلى هذا فالمعنى أُحكم بعض آياته بأن جعل ناسخاً غير منسوخ . وقد تقدّم القول فيه . وقد يقع ٱسم الجنس على النوع فيقال : أكلت طعام زيد أي بعض طعامه . وقال الحسن وأبو العالية : { أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } بالأمر والنهي . { ثُمَّ فُصِّلَتْ } بالوعد والوعيد والثواب والعقاب . وقال قتادة : أحكمها الله من الباطل ، ثم فصّلها بالحلال والحرام . مجاهد : أحكمت جملة ، ثم بُيِّنت بذكر آية آية بجميع ما يحتاج إِليه من الدليل على التوحيد والنبوّة والبعث وغيرها . وقيل : جمعت في اللوح المحفوظ ، ثم فصلت في التنزيل . وقيل : « { فُصِّلت } أنزلت نَجْماً نَجْماً لتُتَدبَّر . وقرأ عكرمة « فَصَلَتْ » مخفّفاً أي حَكَمت بالحق . { مِن لَّدُنْ } أي من عند . { حَكِيمٍ } أي محكم للأمور . { خَبِيرٍ } بكل كائن وغير كائن . قوله تعالى : { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ } قال الكسائيّ والفرّاء . أي بألا أي أحكمت ثم فصّلت بألا تعبدوا إِلا الله . قال الزجاج : لئلا أي أحكمت ثم فصّلت لئلا تعبدوا إلا الله . قيل : أمر رسوله أن يقول للناس ألا تعبدوا إلا الله . { إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ } أي من الله . { نَذِيرٌ } أي مخوف من عذابه وسطوته لمن عصاه . { وَبَشِيرٌ } بالرضوان والجنة لمن أطاعه . وقيل : هو من قول الله أوّلاً وآخراً أي لا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير أي الله نذير لكم من عبادة غيره ، كما قال : { وَيُحَذِّرْكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ } [ آل عمران : 28 ] . قوله تعالى : { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } عطف على الأوّل . { ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ } أي ٱرجعوا إليه بالطاعة والعبادة . قال الفرّاء : « ثم » هنا بمعنى الواو أي وتوبوا إليه لأن الاستغفار هو التوبة ، والتوبة هي الاستغفار . وقيل : ٱستغفروه من سالف ذنوبكم ، وتوبوا إليه من المستأنف متى وقعت منكم . قال بعض الصلحاء : الاستغفار بلا إقلاع توبة الكذابين . وقد تقدّم هذا المعنى في « آل عمران » مستوفى . وفي « البقرة » عند قوله : { وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَاتِ ٱللَّهِ هُزُواً } . وقيل : إنما قدم ذكر الاستغفار لأن المغفرة هي الغرض المطلوب ، والتوبة هي السبب إليها فالمغفرة أوّل في المطلوب وآخر في السبب . ويحتمل أن يكون المعنى استغفروه من الصغائر ، وتوبوا إليه من الكبائر . { يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً } هذه ثمرة الاستغفار والتوبة ، أي يمتعكم بالمنافع من سعة الرزق ورغد العيش ، ولا يستأصلكم بالعذاب كما فعل بمن أهلك قبلكم . وقيل : يمتّعكم يُعمِّركم وأصل الإمتاع الإطالة ، ومنه أَمتع اللَّهُ بك ومَتَّع . وقال سهل بن عبد الله : المتاع الحسن ترك الْخَلق والإقبال على الحق . وقيل : هو القناعة بالموجود ، وترك الحزن على المفقود . { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } قيل : هو الموت . وقيل : القيامة . وقيل : دخول الجنة . والمتاع الحسن على هذا وقاية كلّ مكروه وأمرٍ مَخُوف ، مما يكون في القبر وغيره من أهوال القيامة وكُرَبها والأوّل أظهر لقوله في هذه السورة : { وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ } [ هود : 52 ] . وهذا ينقطع بالموت وهو الأجل المسمى . والله أعلم . قال مقاتل : فأبوا فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فابتلوا بالقحط سبع سنين حتى أكلوا العظام المحرَقة والقَذَر والجيف والكلاب . { وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } أي يؤت كل ذي عمل من الأعمال الصالحات جزاء عمله . وقيل : ويؤت كلّ من فضلت حسناته على سيئاته { فَضْلَهُ } أي الجنة ، وهي فضل الله فالكناية في قوله : { فَضْلَهُ } ترجع إلى الله تعالى . وقال مجاهد : هو ما يحتسبه الإنسان من كلام يقوله بلسانه ، أو عمل يعمله بيده أو رجله ، أو ما تطوّع به من ماله فهو فضل الله ، يؤتيه ذلك إذا آمن ، ولا يتقبله منه إن كان كافراً . { وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } أي يوم القيامة ، وهو كبير لما فيه من الأهوال . وقيل : اليوم الكبير هو يوم بدر وغيره : و { تَوَلَّوْا } يجوز أن يكون ماضياً ويكون المعنى : وإن تولّوا فقل لهم إني أخاف عليكم . ويجوز أن يكون مستقبلاً حذفت منه إحدى التاءين والمعنى : قل لهم إن تتولّوا فإني أخاف عليكم . قوله تعالى : { إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ } أي بعد الموت . { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } من ثواب وعقاب .