Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 62-68)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قَالُواْ يٰصَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَـٰذَا } أي كنا نرجو أن تكون فينا سيّداً قبل هذا أي قبل دعوتك النبوّة . وقيل : كان صالح يعيب آلهتهم ويشنؤها ، وكانوا يرجون رجوعه إلى دينهم ، فلما دعاهم إلى الله قالوا : ٱنقطع رجاؤنا منك . { أَتَنْهَانَآ } استفهام معناه الإنكار . { أَن نَّعْبُدَ } أي عن أن نعبد . { مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا } فأن في محل نصب بإسقاط حرف الجر . { وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ } وفي سورة « إبراهيم » « وَإِنَّا » والأصل وإنّنا فاستثقل ثلاث نونات فأسقط الثالثة . { مِّمَّا تَدْعُونَآ } الخطاب لصالح ، وفي سورة « إبراهيم » « تَدْعُونَنَا » لأن الخطاب للرسل صلوات الله وسلامه عليهم { إِلَيْهِ مُرِيبٍ } من أربته فأنا أريبه إذا فعلت به فعلاً يوجب لديه الريبة . قال الهذلي : @ كنتُ إذا أتوتُهُ من غَيْبِ يَشُمُّ عِطْفِي ويَبُزُّ ثَوْبِي كأنّمـا أربتُـه بِرَيْـبِ @@ قوله تعالى : { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً } تقدّم معناه في قول نوح . { فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ } استفهام معناه النفي أي لا ينصرني منه إن عصيته أحد . { فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ } أي تضليل وإبعاد من الخير قاله الفرّاء . والتخسير لهم لا له صلى الله عليه وسلم كأنه قال : غير تخسير لكم لا لي . وقيل : المعنى ما تزيدونني باحتجاجكم بدين آبائكم غير بصيرة بخسارتكم عن ابن عباس . قوله تعالى : { وَيٰقَوْمِ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ } ابتداء وخبر . { لَكُمْ آيَةً } نصب على الحال ، والعامل معنى الإشارة أو التنبيه في « هَذِهِ » . وإنما قيل : ناقة الله لأنه أخرجها لهم من جبل على ما طلبوا على أنهم يؤمنون . وقيل : أخرجها من صخرة صمّاء منفردة في ناحيةِ الحجر يقال لها الكاثبة ، فلما خرجت الناقة على ما طلبوا قال لهم نبي الله صالح : { هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً } . { فَذَرُوهَا تَأْكُلْ } أمر وجوابه وحذفت النون من « فذروها » لأنه أمر . ولا يقال : وَذِرَ ولا وَاذِرٌ إلا شاذّاً . وللنحويين فيه قولان قال سيبويه : استغنوا عنه بتَركَ . وقال غيره : لما كانت الواو ثقيلة وكان في الكلام فِعل بمعناه لا واو فيه ألغوه قال أبو إسحاق الزّجاج : ويجوز رفع « تَأكل » على الحال والاستئناف . { وَلاَ تَمَسُّوهَا } جزم بالنهي . { بِسُوۤءٍ } قال الفرّاء : بعَقْر . { فَيَأْخُذَكُمْ } جواب النهي . { عَذَابٌ قَرِيبٌ } أي قريب من عَقْرِها . قوله تعالى : { فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ } . فيه مسألتان : الأولى : قوله تعالى : { فَعَقَرُوهَا } إنما عقرها بعضهم وأضيف إلى الكل لأنه كان برضا الباقين . وقد تقدّم الكلام في عقرها في « الأعراف » . ويأتي أيضاً . { فَقَالَ تَمَتَّعُواْ } أي قال لهم صالح تمتعوا أي بنعم الله عزّ وجلّ قبل العذاب . { فِي دَارِكُمْ } أي في بلدكم ، ولو أراد المنزل لقال في دوركم . وقيل : أي يتمتع كل واحد منكم في داره ومسكنه كقوله : { يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } [ غافر : 67 ] أي كل واحد طفلاً . وعبر عن التمتع بالحياة لأن الميّت لا يتلذذ ولا يتمتع بشيء فعقرت يوم الأربعاء ، فأقاموا يوم الخميس والجمعة والسبت وأتاهم العذاب يوم الأحد . وإنما أقاموا ثلاثة أيام لأن الفصيل رغا ثلاثاً على ما تقدّم في « الأعراف » فاصفرّت ألوانهم في اليوم الأول ، ثم ٱحمرّت في الثاني ، ثم ٱسودّت في الثالث ، وهلكوا في الرابع وقد تقدّم في « الأعراف » . الثانية : استدلّ علماؤنا بإرجاء الله العذاب عن قوم صالح ثلاثة أيام على أن المسافر إذا لم يُجمع على إقامة أربع ليال قصر لأن الثلاثة الأيام خارجة عن حكم الإقامة . وقد تقدّم في « النساء » ما للعلماء في هذا . قوله تعالى : { ذٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ } أي غير كذب . وقيل : غير مكذوب فيه . قوله تعالى : { فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا } أي عذابنا . { نَجَّيْنَا صَالِحاً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا } تقدّم . { وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ } أي ونجيناهم من خزي يومئذ أي من فضيحته وذلّته . وقيل : الواو زائدة أي نجيناهم من خزي يومئذ . ولا يجوز زيادتها عند سيبويه وأهل البصرة ، وعند الكوفيين يجوز زيادتها مع « لما » و « حتى » لا غير . وقرأ نافع والكسائيّ « يَوْمَئِذٍ » بالنصب . الباقون بالكسر على إضافة « يوم » إلى « إذ » . وقال أبو حاتم : حدّثنا أبو زيد عن أبي عمرو أنه قرأ « وَمِنْ خِزْيِ يَوْمَئِذٍ » أدغم الياء في الياء ، وأضاف ، وكسر الميم في « يومئذ » . قال النحاس : الذي يرويه النحويون مثل سيبويه ومن قاربه عن أبي عمرو في مثل هذا الإخفاء فأما الإدغام فلا يجوز ، لأنه يلتقي ساكنان ، ولا يجوز كسر الزاي . قوله تعالى : { وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ } أي في اليوم الرابع صِيح بهم فماتوا وذَكَّر لأن الصّيحة والصِّياح واحد . قيل : صيحة جبريل . وقيل : صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة ، وصوت كل شيء في الأرض ، فتقطعت قلوبهم وماتوا . وقال هنا : « وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ » وقال في « الأعراف » { فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ } [ الأعراف : 18 ] وقد تقدّم بيانه هناك . وفي التفسير : أنهم لما أيقنوا بالعذاب قال بعضهم لبعض ما مقامكم أن يأتيكم الأمر بغتة ؟ ٰ قالوا : فما نصنع ؟ فأخذوا سيوفهم ورماحهم وعُدَدهم ، وكانوا فيما يقال ٱثني عشر ألف قبيلة ، في كل قبيلة ٱثنا عشر ألف مقاتل ، فوقفوا على الطرق والفِجاج ، زعموا يلاقون العذاب فأوحى الله تعالى إلى الملَك الموكل بالشمس أن يعذبهم بحرّها ، فأدناها من رؤوسهم فاشتوت أيديهم ، وتدلت ألسنتهم على صدورهم من العطش ، ومات كل ما كان معهم من البهائم . وجعل الماء يتفوّر من تلك العيون من غليانه حتى يبلغ السماء ، لا يسقط على شيء إلا أهلكه من شدّة حره ، فما زالوا كذلك ، وأوحى الله إلى ملَك الموت ألا يقبض أرواحهم تعذيباً لهم إلى أن غربت الشمس فصيح بهم فأهلكوا . { فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ } أي ساقطين على وجوههم ، قد لصقوا بالتراب كالطير إذا جَثَمت . { أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ } تقدّم معناه .