Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 111, Ayat: 5-5)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فِي جِيدِهَا } أي عنقِها . وقال امرؤ القيس : @ وجِيدٍ كجِيدِ الرِّيمِ لَيْسَ بفاحشٍ إذَا هِي نَصَّتْهُ ولاَ بِمُعَطلِ @@ { حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ } أي من لِيف قال النابغة : @ مَقْذُوفةٍ بدَخِيسِ النَّحْضِ بازِلُها له صَرِيفٌ صَرِيفُ القَعْوِ بالمَسَد @@ وقال آخر : @ يا مَسَدَ الخُوصِ تَعَوَّذْ مِنِّي إِنْ كُنْتُ لَدْناً ليِّناً فإنِّي مـا شِـئْـتَ مِـنْ أَشْمَـطَ مُقْـسئِـنَّ @@ وقد يكون من جلود الإبل ، أو من أوبارها قال الشاعر : @ ومَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيانِقِ لَسْنَ بِأنْيابٍ ولاَ حَقَائِقِ @@ وجمع الجيد أجياد ، والمسدِ أمساد . أبو عبيدة : هو حَبْل يكون من صوف . قال الحسن : هي حبال من شجر تَنبتُ باليمن تسمى المَسَد ، وكانت تُفْتل . قال الضحاك وغيره : هذا في الدنيا فكانت تُعَيِّر النبيّ صلى الله عليه وسلم بالفقر وهي تحتطب في حبل تجعله في جيدها من ليف ، فخنقها الله جل وعزّ به فأهلكها وهو في الآخرة حبْل من نار . وقال ابن عباس في رواية أبي صالح : { فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ } قال : سلسلة ذرْعُها سبعون ذراعاً وقاله مجاهد وعروة بن الزبير : تَدْخُل مِنْ فيها ، وتَخْرُج من أسفلها ، ويُلْوَى سائِرها على عنقها . وقال قتادة . « حبْل مِن مَسَدٍ » قال : قِلادة من وَدَع . الوَدَع : خرز بيض تخرج من البحر ، تتفاوت في الصغر والكبر . قال الشاعر : @ والحِلم حِلْمُ صبِيٍّ يَمْرِث الوَدَعَهْ @@ والجمع : وَدَعات . الحسن : إنما كان خَرَزاً في عنقها . سعيد بن المسيب : كانت لها قِلادة فاخرة من جوهر ، فقالت : واللاتِ والعُزَّى لأنفِقنها في عداوة محمد . ويكون ذلك عذاباً في جيدها يوم القيامة . وقيل : إن ذلك إشارة إلى الخِذلان يعني أنها مربوطة عن الإيمان بما سبق لها من الشقاء ، كالمربوط في جيده بحبل من مسد . والمَسَد : الفتل . يقال : مَسَد حَبْلَه يَمْسِده مَسْداً أي أجاد فتله . قال : @ يَمْسِـد أَعْلَى لحمِهِ ويأرِمُهْ @@ يقول : إن البقل يقوّي ظهر هذا الحمار ويشدّه . ودابة مَمْسودة الخَلْق : إذا كانت شديدة الأَسْر . قال الشاعر : @ ومَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيَانِقِ صُهْبٍ عِتاقٍ ذاتِ مُخٍّ زاهِقِ لَـسْنَ بـأنـيـابٍ ولاَ حَـقَـائِـق @@ ويروى : @ ولا ضـعـافٍ مُـخُّـهُـنَّ زاهِـقِ @@ قال الفراء : هو مرفوع والشعر مُكْفأ . يقول : بل مخهن مكتنِز رفعه على الابتداء . قال : ولا يجوز أن يريد ولا ضعافٍ زاهقٍ مخهنّ . كما لا يجوز أن تقول : مررت برجل أبوه قائمٍ بالخفض . وقال غيره : الزاهق هنا : بمعنى الذاهب كأنه قال : ولا ضعافً مُخَّهُنَّ ، ثم ردّ الزاهق . على الضعاف . ورجل ممسود : أي مجدول الخلق . وجارية حسنة المَسْد والعَصْبِ والجَدْلِ والأَرْم وهي ممسودة ومعصوبة ومجدولة ومَأرومة . والمِساد ، على فِعال : لغة في المِسَاب ، وهي نِحى السمن ، وسِقاء العسل . قال جميعه الجوهريّ . وقد اعْتُرِض فقيل : إن كان ذلك حبلها الذي تحتطب به ، فكيفَ يبقى في النار ؟ وأجيب عنه بأن الله عزّ وجلّ قادر على تجديده كلما احترق . والحكم ببقاء أبي لهب وامرأته في النار مشروط ببقائهما على الكفر إلى الموافاة فلما ماتا على الكفر صدق الإخبار عنهما . ففيه معجزة للنبيّ صلى الله عليه وسلم . فامرأته خنقها الله بحبلها ، وأبو لهب رماه الله بالعَدَسة بعد وقعة بدر بسبع ليال ، بعد أن شَجَّتْه أمّ الفضل . وذلك أنه لما قدم الحَيْسُمانُ مكةَ يخبر خبر بدر ، قال له أبو لهب : أَخْبرني خبر الناس . قال : نعم ، والله ما هو إلا أَن لقِينا القوم ، فمنحناهم أكتافنا ، يضعون السلاح منا حيث شاؤوا ، ومع ذلك ما لَمَسْتُ الناس . لقِينا رجالاً بِيضاً على خيل بُلْق ، لا والله ما تُبْقِي منا يقول : ما تُبْقِي شيئاً . قال أبو رافع : وكنت غلاماً للعباس أَنحِت الأَقداح في صُفَّةِ زمزم ، وعندي أمّ الفضل جالسة ، وقد سرنا ما جاءنا من الخبر ، فرفعت طُنُبَ الحجرة ، فقلت : تلك والله الملائكة . قال : فرفع أبو لهب يده ، فضرب وجهي ضَرْبة مُنْكرة ، وثَاوَرْتُهُ ، وكنت رجلاً ضعيفاً ، فاحتملني ، فضرب بي الأرض ، وبَرَك على صدري يضْربني . وتقدّمت أمّ الفضل إلى عمود من عُمُد الحُجْرة ، فتأخذه وتقول : استضعفتَه أن غاب عنه سيده ! وتضربه بالعمود على رأسه فتفلِقُه شَجَّةٌ مُنْكَرة . فقام يجر رجليه ذليلاً ، ورماه الله بالعَدَسة ، فمات ، وأقام ثلاثة أيام لم يُدْفن حتى أنتن ثم إن ولده غَسّلوه بالماء ، قَذْفاً من بعيد ، مخافة عَدْوَى العَدَسة . وكانت قريشٌ تَتَّقيها كما يُتَّقَى الطاعون . ثم احتملوه إلى أعلى مكة ، فأسندوه إلى جدار ، ثم رَضموا عليه الحجارة .