Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 19-20)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا } هذا من نعمه أيضاً ، ومما يدل على كمال قدرته . قال ابن عباس : بسطناها على وجه الماء كما قال : { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } [ النازعات : 30 ] أي بسطها . وقال : { وَٱلأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ ٱلْمَاهِدُونَ } [ الذاريات : 48 ] . وهو يرد على من زعم أنها كالكرة . وقد تقدّم . { وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ } جبالاً ثابتة لئلا تتحرك بأهلها . { وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ } أي مقدّر معلوم قاله ابن عباس وسعيد بن جبير . وإنما قال « موزون » لأن الوزن يعرف به مقدار الشيء . قال الشاعر : @ قد كنت قبل لقائكم ذا مِرّة عندي لكل مُخاصِم مِيزانُه @@ وقال قتادة : موزون يعني مقسوم . وقال مجاهد : موزون معدود . ويقال : هذا كلام موزون أي منظوم غير منتثر . فعلى هذا أي أنبتنا في الأرض ما يوزن من الجواهر والحيوانات والمعادن . وقد قال الله عز وجل في الحيوان : { وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً } [ آل عمران : 37 ] . والمقصود من الإنبات الإنشاءُ والإيجاد . وقيل : { وَأَنْبَتْنَا فِيهَا } أي في الجبال { مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ } من الذهب والفضة والنحاس والرصاص والقزدير ، حتى الزِّرنيخ والكحل ، كل ذلك يوزن وزناً . رُوي معناه عن الحسن وابن زيد . وقيل : أنبتنا في الأرض الثمار مما يكال ويوزن . وقيل : ما يوزن فيه الأثمان لأنه أجلّ قدراً وأعم نفعاً مما لا ثمن له . { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ } يعني المطاعم والمشارب التي يعيشون بها واحدها معيشة بسكون الياء . ومنه قول جرير : @ تكلّفني مَعِيشةَ آلِ زيدٍ ومَن لي بالمرقَّق والصِّناب @@ والأصلُ مَعْيِشة على مَفْعِلة بتحريك الياء . وقد تقدّم في الأعراف . وقيل : إنها الملابس قاله الحسن . وقيل : إنها التصرف في أسباب الرزق مدة الحياة . قال الماورديّ : وهو الظاهر . { وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } يريد الدواب والأنعام قاله مجاهد . وعنده أيضاً هم العبيد والأولاد الذين قال الله فيهم : { نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم } [ الإسراء : 31 ] ولفظ « من » يجوز أن يتناول العبيد والدواب إذا اجتمعوا لأنه إذا اجتمع من يعقل وما لا يعقل ، غُلّب من يعقل . أي جعلنا لكم فيها معايش وعبيداً وإماء ودواب وأولاداً نرزقهم ولا ترزقونهم . فـ « ـمن » على هذا التأويل في موضع نصب قال معناه مجاهد وغيره . وقيل : أراد به الوحش . قال سعيد : قرأ علينا منصور « وَمَنْ لستم له بِرازِقِين » قال : الوحش . فـ « ـمن » على هذا تكون لما لا يعقل مثل { فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ } [ النور : 45 ] الآية . وهي في محل خفض عطفاً على الكاف والميم في قوله : « لكم » . وفيه قبح عند البصريين فإنه لا يجوز عندهم عطف الظاهر على المضمر إلا بإعادة حرف الجر مثل مررت به وبزيد . ولا يجوز مررت به وزيد إلا في الشعر . كما قال : @ فاليوم قرّبت تهجونا وتشتِمنا فٱذهب فما بك والأيامِ من عَجَب @@ وقد مضى هذا المعنى في « البقرة » وسورة « النساء » .