Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 3-3)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه مسألتان : الأولى : قوله تعالى : { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ } تهديد لهم . { وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ } أي يشغلهم عن الطاعة . يقال : ألهاه عن كذا أي شغله . ولهِيَ هو عن الشيء يَلْهَى . { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } إذا رأوا القيامة وذاقوا وبال ما صنعوا . وهذه الآية منسوخة بالسيف . الثانية : في مسند البزار عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أربعة من الشقاء جمود العين وقساوة القلب وطول الأمل والحرص على الدنيا " وطولُ الأمل داء عضال ومرض مزمن ، ومتى تمكن من القلب فسد مزاجه واشتدّ علاجه ، ولم يفارقه داء ولا نجع فيه دواء ، بل أعيا الأطباء ويئس من برئه الحكماء والعلماء . وحقيقة الأمل : الحرص على الدنيا والانكباب عليها ، والحبُّ لها والإعراض عن الآخرة . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " نجا أوّل هذه الأمة باليقين والزهد ويهلك آخرها بالبخل والأمل " ويروى عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قام على درج مسجد دمشق فقال : يا أهل دمشق ، ألا تسمعون من أخ لكم ناصح ، إنّ من كان قبلكم كانوا يجمعون كثيراً ويبنون مشيّداً ويأملون بعيدا ، فأصبح جمعهم بُوراً وبنيانهم قبوراً وأملهم غروراً . هذه عاد قد ملأت البلاد أهلاً ومالاً وخيلاً ورجالاً ، فمن يشتري مني اليوم تركتهم بدرهمين ! وأنشد : @ يا ذا المؤمل آمالا وإن بَعُدت منه ويزعم أن يحظى بأقصاها أنَّى تفوز بما ترجوه وَيْكَ وما أصبحت في ثقة من نَيْل أدناها @@ وقال الحسن : ما أطال عبدٌ الأمل إلا أساء العمل . وصدق رضي الله عنه ! فالأمل يكسل عن العمل ويورث التراخي والتواني ، ويعقب التشاغل والتقاعس ، ويخلد إلى الأرض ويميل إلى الهوى . وهذا أمر قد شوهد بالعِيان فلا يحتاج إلى بيان ولا يُطْلَب صاحبه ببرهان كما أن قصر الأمل يبعث على العمل ، ويُحيل على المبادرة ، ويحثّ على المسابقة .