Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 94-95)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } أي بالذي تؤمر به ، أي بلّغ رسالة الله جميع الخلق لتقوم الحجة عليهم ، فقد أمرك الله بذلك . والصدع : الشق . وتصدّع القوم أي تفرقوا ومنه { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } [ الروم : 43 ] أي يتفرّقون . وصدعته فانصدع أي انشق . وأصل الصدع الفرق والشق . قال أبو ذُؤَيب يصف الحمار وأُتُنَه : @ وكأنهنّ رِبَابة وكأنه يَسَرٌ يُفيض على القِداح ويَصْدَع @@ أي يفرق ويشق . فقوله : « ٱصْدَع بِمَا تُؤْمَرُ » قال الفراء : أراد فٱصدع بالأمر ، أي أظهر دينك ، فـ « ـما » مع الفعل على هذا بمنزلة المصدر . وقال ابن الأعرابي : معنى اصدع بما تؤمر ، أي اقصد . وقيل : « فٱصدع بما تؤمر » أي فرّق جمعهم وكلمتهم بأن تدعوهم إلى التوحيد فإنهم يتفرّقون بأن يجيب البعض فيرجع الصدع على هذا إلى صدع جماعة الكفار . قوله تعالى : { وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } أي عن الاهتمام باستهزائهم وعن المبالاة بقولهم ، فقد برأك الله عما يقولون . وقال ابن عباس : هو منسوخ بقوله { فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ التوبة : 5 ] . وقال عبد الله بن عبيد : ما زال النبيّ صلى الله عليه وسلم مستخفياً حتى نزل قوله تعالى : « فاصدع بِما تؤمر » فخرج هو وأصحابه . وقال مجاهد : أراد الجهر بالقرآن في الصلاة . « وأعرِض عنِ المشرِكين » لا تبال بهم . وقال ابن إسحاق : لما تمادَوْا في الشر وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء أنزل الله تعالى « فاصدع بِما تؤمر وأعِرض عنِ المشرِكين . إنا كفيناك المستهزِئِين . الذين يجعلون مع اللَّهِ إِلٰهاً آخرَ فسوف يعلمون » . والمعنى : اصدع بما تؤمر ولا تخف غير الله فإن الله كافيك مَن أذاك كما كفاك المستهزئين ، وكانوا خمسة من رؤساء أهل مكة ، وهم الوليد بن المغيرة وهو رأسهم ، والعاص بن وائل ، والأسود بن المطلب بن أسد أبو زمعة . والأسود بن عبد يَغُوث ، والحارث بن الطُّلاطِلَة ، أهلكهم الله جميعاً ، قيل يوم بدر في يوم واحد لاستهزائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم . وسبب هلاكهم فيما ذكر ٱبن إسحاق : أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يطوفون بالبيت ، فقام وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرّ به الأسود بن المطلب فرمى في وجهه بورقة خضراء فعَمِيَ ووجِعت عينه ، فجعل يضرب برأسه الجدار . ومرّ به الأسود بن عبد يَغُوث فأشار إلى بطنه فاستسقى بطنُه فمات منه حَبَناً . [ يقال : حَبِن بالكسر ] حَبَنا وحُبِن للمفعول عظم بطنه بالماء الأصفر ، فهو أحبن ، والمرأة حبناء قاله في الصحاح . ومرّ به الوليد بن المغيرة فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله ، وكان أصابه قبل ذلك بسنين ، وهو يَجُرّ سَبَله ، وذلك أنه مرّ برجل من خزاعة يَرِيش نَبْلاً له فتعلق سهم من نبله بإزاره فخَدش في رجله ذلك الخدش وليس بشيء ، فانتقض به فقتله . ومرّ به العاص بن وائل فأشار إلى أَخْمَص قدمه ، فخرج على حمار له يريد الطائف ، فرَبَض به على شِبْرِقة فدخلت في أخْمَص رجله شوكةٌ فقتلته . ومرّ به الحارث بن الطُّلاطِلة ، فأشار إلى رأسه فامتخط قيحاً فقتله . وقد ذُكر في سبب موتهم اختلاف قريب من هذا . وقيل : إنهم المراد بقوله تعالى : { فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ } [ النحل : 26 ] . شّبه ما أصابهم في موتهم بالسقف الواقع عليهم على ما يأتي .