Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 116-117)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فيـه مسألتان : الأولى قوله تعالى : { لِمَا تَصِفُ } ما هنا مصدرية ، أي لوصف . وقيل : اللام لام سبب وأجل ، أي لا تقولوا لأجل وصفكم « الكذب » بنزع الخافض ، أي لما تصف ألسنتكم من الكذب . وقرىء « الكُذُبُ » بضم الكاف والذال والباء ، نعتاً للألسنة ، وقد تقدّم . وقرأ الحسن هنا خاصّةً « الكَذِبِ » بفتح الكاف وخفض الذال والباء ، نعتاً « لما » التقدير : ولا تقولوا لوصف ألسنتكم الكذبِ . وقيل على البدل من ما أي ولا تقولوا للكذب الذي تصفه ألسنتكم هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على اللَّهِ الكذب . الآية خطاب للكفار الذين حرّموا البحائر والسوائب وأحلوا ما في بطون الأنعام وإن كان ميتة . فقوله « هذا حلال » إشارة إلى ميتة بطون الأنعام ، وكل ما أحلّوه . وقوله « هذا حرام » إشارة إلى البحائر والسوائب وكل ما حرّموه . { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ } أي ما هم فيه من نعيم الدنيا يزول عن قريب . وقال الزجاج : أي متاعهم متاع قليل . وقيل : لهم متاع قليل ثم يردون إلى عذاب أليم . الثانية أسند الدّارِمِيّ أبو محمد في مسنده أخبرنا هارون عن حفص عن الأعمش قال : ما سمعت إبراهيم قطّ يقول حلال ولا حرام ، ولكن كان يقول : كانوا يكرهون وكانوا يستحبون . وقال ابن وهب قال مالك : لم يكن من فُتْيَا الناس أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام ، ولكن يقولوا إيّاكم كذا وكذا ، ولم أكن لأصنع هذا . ومعنى هذا : أن التحليل والتحريم إنما هو لله عز وجل ، وليس لأحد أن يقول أو يصرّح بهذا في عين من الأعيان ، إلا أن يكون البارىء تعالى يخبر بذلك عنه . وما يؤدي إليه الاجتهاد في أنه حرام يقول : إني أكره كذا . وكذلك كان مالك يفعل اقتداءً بمن تقدم من أهل الفتوى . فإن قيل : فقد قال فيمن قال لزوجته أنت عليّ حرام إنها حرام ويكون ثلاثاً . فالجواب أن مالكاً لمّا سمع عليّ بن أبي طالب يقول إنها حرام اقتدى به . وقد يقوى الدليل على التحريم عند المجتهد فلا بأس عند ذلك أن يقول ذلك ، كما يقول إن الربا حرام في غير الأعيان الستة ، وكثيراً ما يطلق مالك رحمه الله فذلك حرام لا يصلح في الأموال الرّبوية وفيما خالف المصالح وخرج عن طريق المقاصد لقوة الأدلة في ذلك .