Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 50-51)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } أي قل لهم يا محمد كونوا على جهة التعجيز حجارة أو حديداً في الشدّة والقوة . قال الطبري : أي إن عجبتم من إنشاء الله لكم عظاماً ولحماً فكونوا أنتم حجارة أو حديداً إن قَدرتم . وقال عليّ بن عيسى : معناه أنكم لو كنتم حجارة أو حديداً لم تفوتوا الله عز وجل إذا أرادكم إلا أنه خرج مخرج الأمر ، لأنه أبلغ في الإلزام . وقيل : معناه لو كنتم حجارة أو حديداً لأعادكم كما بدأكم ، ولأماتكم ثم أحياكم . وقال مجاهد : المعنى كونوا ما شئتم فستعادون . النحاس : وهذا قول حسن لأنهم لا يستطيعون أن يكونوا حجارة ، وإنما المعنى أنهم قد أقرّوا بخالقهم وأنكروا البعث فقيل لهم استشعروا أن تكونوا ما شئتم ، فلو كنتم حجارة أو حديداً لبُعثتم كما خُلقتم أوّل مرة . { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ } قال مجاهد : يعني السموات والأرض والجبال لعظمها في النفوس . وهو معنى قول قتادة . يقول : كونوا ما شئتم ، فإن الله يميتكم ثم يبعثكم . وقال ابن عباس وابن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن جُبير ومجاهد أيضاً وعكرمة وأبو صالح والضحاك : يعني الموت لأنه ليس شيء أكبر في نفس ابن آدم منه قال أُمَيّة بن أبي الصلت : @ وللمَوْتُ خَلْق في النفوس فظيع @@ يقول : إنكم لو خُلقتم من حجارة أو حديد أو كنتم الموت لأميتَنّكم ولأبعثنكم لأن القدرة التي بها أنشأتكم بها نعيدكم . وهو معنى قوله : { فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } . وفي الحديث أنه : " يؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كَبْش أمْلَحَ فيذبح بين الجنة والنار " وقيل : أراد به البعث لأنه كان أكبر في صدورهم قاله الكلبي . { فَطَرَكُمْ } خلقكم وأنشأكم . { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ } أي يحرّكون رؤوسهم استهزاء يقال : نَغَضَ رأسُه يَنْغُض ويَنْغِض نَغْضاً ونُغوضاً أي تحرّك . وأنغض رأسه أي حركه ، كالمتعجب من الشيء ومنه قوله تعالى : { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ } . قال الراجز : @ أنغض نحوي رأسه وأقنعا @@ ويقال أيضاً : نغض فلان رأسه أي حرّكه يتعدّى ولا يتعدّى ، حكاه الأخفش . ويقال : نَغَضت سِنّه أي تحركت وانقلعت . قال الراجز : @ ونغضت من هَرَم أسنانها @@ وقال آخر : @ لما رأتني أنغضتْ لِي الرأسا @@ وقال آخر : @ لا ماء في المَقْرَاة إن لم تنهضِ بمَسَدٍ فوق المَحالِ النُّغَّض @@ المحال والمحالة : البكرة العظيمة التي يستقَى بها الإبل . { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ } أي البعث والإعادة وهذا الوقت . { قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً } أي هو قريب لأن عسى واجب نظيره { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً } [ الأحزاب : 63 ] . و { لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٌ } [ الشورى : 17 ] . وكل ما هو آت فهو قريب .