Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 61-62)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآدَمَ } تقدّم ذكر كَوْنِ الشيطان عدوّ الإنسان ، فانجرّ الكلام إلى ذكر آدم . والمعنى : اذكر بتمادي هؤلاء المشركين وعتوّهم على ربهم قصة إبليس حين عصى ربه وأبَى السجود ، وقال ما قال ، وهو ما أخبر الله تعالى في قوله تعالى : { فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً } أي من طين . وهذا استفهام إنكار . وقد تقدّم القول في خلق آدم في « البقرة ، والأنعام » مستوفًى . { قَالَ أَرَأَيْتَكَ } أي قال إبليس . والكاف توكيد للمخاطبة . { هَـٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ } أي فضّلته عليّ . ورأى جوهر النار خيراً من جوهر الطين ولم يعلم أن الجواهر متماثلة . وقد تقدّم هذا في الأعراف . و « هذا » نصب بأرأيت . « الذي » نعته . والإكرام : اسم جامع لكل ما يحمد . وفي الكلام حذف تقديره : أخبرني عن هذا الذي فضلته عليّ ، لم فضلته وقد خلقتني من نار وخلقته من طين ؟ فحذف لعلم السامع . وقيل : لا حاجة إلى تقدير الحذف ، أي أترى هذا الذي كرمته عليّ لأفعلن به كذا وكذا . ومعنى { لأَحْتَنِكَنَّ } في قول ابن عباس : لأستولِيَنّ عليهم . وقاله الفراء . مجاهد : لأحتوِيَنّهم . ابن زيد : لأضلنهم . والمعنى متقارب ، أي لأستأصلنّ ذريته بالإغواء والإضلال ، ولأجتاحنّهم . وروي عن العرب : احْتَنَك الجراد الزرع إذا ذهب به كلّه . وقيل : معناه لأسوقنهم حيث شئت وأقودَنّهم حيث أردت . من قولهم : حنكت الفرس أحنِكه وأحنُكه حنكا إذا جعلت في فيه الرّسن . وكذلك احتنكه . والقول الأوّل قريب من هذا ، لأنه إنما يأتي على الزرع بالحَنَك . وقال الشاعر : @ أشكو إليك سَنَةً قد أجحفت جهدا إلى جهدٍ بنا وأضعفت وٱحتنكت أموالنا واجتلفت @@ { إَلاَّ قَلِيلاً } يعني المعصومين ، وهم الذين ذكرهم الله في قوله : { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } وإنما قال إبليس ذلك ظنا ، كما قال الله تعالى : { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ } أو علم من طبع البشر تركّب الشهوة فيهم ، أو بنى على قول الملائكة : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا } . وقال الحسن : ظن ذلك لأنه وسوس إلى آدم عليه السلام فلم يجد له عَزْماً .