Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 23-24)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } فيه مسألتان : الأولى : قال العلماء : عاتب الله تعالى نبيّه عليه السلام على قوله للكفار حين سألوه عن الروح والفتية وذي القرنين : غداً أخبركم بجواب أسئلتكم ولم يستثن في ذلك . فاحتبس الوحي عنه خمسة عشر يوماً حتى شقّ ذلك عليه وأرجف الكفار به ، فنزلت عليه هذه السورة مفرّجة . وأمر في هذه الآية ألا يقول في أمر من الأمور إني أفعل غدا كذا وكذا ، إلاّ أن يعلق ذلك بمشيئة الله عز وجل حتى لا يكون محقّقاً لحكم الخبر فإنه إذا قال : لأفعلن ذلك ولم يفعل كان كاذباً ، وإذا قال لأفعلن ذلك إن شاء الله خرج عن أن يكون محقّقاً للمخبر عنه . واللام في قوله « لشيء » بمنزلة في ، أو كأنه قال لأجل شيء . الثانية : قال ابن عطية : وتكلّم الناس في هذه الآية في الاستثناء في اليمين ، والآية ليست في الأيمان وإنما هي في سُنّة الاستثناء في غير اليمين . وقوله : { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } في الكلام حذف يقتضيه الظاهر ويحسّنه الإيجاز تقديره : إلا أن تقول إلا أن يشاء الله أو إلا أن تقول إن شاء الله . فالمعنى : إلا أن تذكر مشيئة الله فليس « إلا أن يشاء الله » من القول الذي نُهي عنه . قلت : ما اختاره ابن عطية وارتضاه هو قول الكسائيّ والفرّاء والأخفش . وقال البصريون : المعنى إلا بمشيئة الله . فإذا قال الإنسان أنا أفعل هذا إن شاء الله فمعناه بمشيئة الله . قال ابن عطية : وقالت فرقة « إلا أن يشاء الله » استثناء من قوله : « ولا تقولنّ » قال : وهذا قول حكاه الطبري وردّ عليه ، وهو من الفساد بحيث كان الواجب ألا يُحكَى . وقد تقدّم القول في الاستثناء في اليمين وحكمه في « المائدة » . قوله تعالى : { وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } فيه مسألة واحدة ، وهو الأمر بالذكر بعد النسيان واختلف في الذكر المأمور به فقيل : هو قوله : { وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً } . قال محمد الكوفي المفسر : إنها بألفاظها مما أمر أن يقولها كل من لم يستثن ، وإنها كفارة لنسيان الاستثناء . وقال الجمهور : هو دعاء مأمور به دون هذا التخصيص . وقيل : هو قوله « إن شاء الله » الذي كان نسيه عند يمينه . حكي عن ابن عباس أنه إن نسي الاستثناء ثم ذكر ولو بعد سنة لم يحنث إن كان حالفاً . وهو قول مجاهد . وحكى إسماعيل بن إسحاق ذلك عن أبي العالية في قوله تعالى : { وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } قال : يستثني إذا ذكره . الحسن : ما دام في مجلس الذكر . ابن عباس : سنتين ذكره الغزنويّ قال : فيحمل على تدارك التبرك بالاستثناء للتخلّص عن الإثم . فأما الاستثناء المفيد حكماً فلا يصح إلا متصلاً . السُّدّي : أي كل صلاة نسيها إذا ذكرها . وقيل : استثن باسمه لئلا تنسى . وقيل اذكره متى ما نسيته . وقيل : إذا نسيت شيئاً فاذكره يذكّركه . وقيل : اذكره إذا نسيت غيره أو نسيت نفسك فذلك حقيقة الذكر . وهذه الآية مخاطبة للنبيّ صلى الله عليه وسلم ، وهي استفتاح كلام على الأصح ، وليست من الاستثناء في اليمين بشيء ، وهي بعد تعمّ جميع أمته لأنه حكم يتردّد في الناس لكثرة وقوعه . والله الموفق .