Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 9-9)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مذهب سيبويه أن « أم » إذا جاءت دون أن يتقدّمها ألف استفهام أنها بمعنى بل وألف الاستفهام ، وهي المنقطعة . وقيل : « أم » عطف على معنى الاستفهام في لعلك ، أو بمعنى ألف الاستفهام على الإنكار . قال الطبري : وهو تقرير للنبيّ صلى الله عليه وسلم على حسابه أن أصحاب الكهف كانوا عجباً ، بمعنى إنكار ذلك عليه أي لا يعظم ذلك بحسب ما عظمه عليك السائلون من الكفرة ، فإن سائر آيات الله أعظم من قصتهم وأشيع هذا قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن إسحاق . والخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم وذلك أن المشركين سألوه عن فتية فقدوا ، وعن ذي القرنين وعن الروح ، وأبطأ الوحي على ما تقدّم . فلما نزل قال الله تعالى لنبيه عليه السلام : أحسبت يا محمد أن أصحاب الكهف والرّقيم كانوا من آياتنا عجباً أي ليسوا بعجب من آياتنا ، بل في آياتنا ما هو أعجب من خبرهم . الكلبي : خَلْقُ السموات والأرض أعجبُ من خبرهم . الضحاك : ما أطلعتك عليه من الغيب أعجب . الجنيد : شأنك في الإسراء أعجب . الماورديّ : معنى الكلام النفي أي ما حسبت لولا إخبارنا . أبو سهل : استفهام تقرير أي أحسبت ذلك فإنهم عجب . والكهف : النَّقْب المتّسع في الجبل وما لم يتّسع فهو غار . وحكى النقاش عن أنس بن مالك أنه قال : الكهف الجبل وهذا غير شهير في اللغة . واختلف الناس في الرقيم فقال ابن عباس : كل شيء في القرآن أعلمه إلا أربعة : غِسْلين وحَنَان والأوّاه والرقيم . وسئل مرة عن الرقيم فقال : زعم كعب أنها قرية خرجوا منها . وقال مجاهد : الرقيم وادٍ . وقال السّدي : الرقيم الصخرة التي كانت على الكهف . وقال ابن زيد : الرقيم كتاب غمّ الله علينا أمره ، ولم يشرح لنا قصته . وقالت فرقة : الرقيم كتاب في لوح من نحاس . وقال ابن عباس : في لوح من رصاص كَتب فيه القوم الكفارُ الذين فرّ الفتية منهم قصتهم وجعلوها تاريخاً لهم ، ذكروا وقت فقدهم ، وكم كانوا ، وبين من كانوا . وكذا قال الفراء ، قال : الرقيم لوح من رصاص كتب فيه أسماؤهم وأنسابهم ودينهم وممن هربوا . قال ابن عطية : ويظهر من هذه الروايات أنهم كانوا قوماً مؤرّخين للحوادث ، وذلك من نبل المملكة وهو أمر مفيد . وهذه الأقوال مأخوذة من الرَّقْم ومنه كتاب مرقوم . ومنه الأرقم لتخطيطه . ومنه رَقْمة الوادي أي مكان جَرْي الماء وانعطافه . وما روي عن ابن عباس ليس بمتناقض لأن القول الأوّل إنما سمعه من كَعْب . والقول الثاني يجوز أن يكون عرف الرقيم بعده ، وروى عنه سعيد بن جُبير قال : ذكر ابن عباس أصحاب الكهف فقال : إن الفتية فقدوا فطلبهم أهلوهم فلم يجدوهم فرفع ذلك إلى الملك فقال : ليكونن لهم نبأ ، وأحضر لوحاً من رصاص فكتب فيه أسماءهم وجعله في خزانته فذلك اللوح هو الرقيم . وقيل : إن مؤمنين كانا في بيت الملك فكتبا شأن الفتية وأسماءهم وأنسابهم في لوح من رصاص ثم جعلاه في تابوت من نحاس وجعلاه في البنيان فالله أعلم . وعن ابن عباس أيضاً : الرقيم كتاب مرقوم كان عندهم فيه الشرع الذي تمسكوا به من دين عيسى عليه السلام . وقال النقاش عن قتادة : الرقيم دراهمهم . وقال أنس بن مالك والشعبيّ : الرقيم كلبهم . وقال عكرمة : الرقيم الدواة . وقيل : الرقيم اللوح من الذهب تحت الجدار الذي أقامه الخضر . وقيل : الرقيم أصحاب الغار الذي انطبق عليهم فذكر كلُّ واحد منهم أصلح عمله . قلت : وفي هذا خبر معروف أخرجه الصحيحان ، وإليه نحا البخاري . وقال قوم : أخبر الله عن أصحاب الكهف ، ولم يخبر عن أصحاب الرقيم بشيء . وقال الضحاك : الرقيم بلدة بالروم فيها غار فيه أحد وعشرون نفساً كأنهم نيام على هيئة أصحاب الكهف ، فعلى هذا هم فتية آخرون جرى لهم ما جرى لأصحاب الكهف . والله أعلم . وقيل : الرقيم وادٍ دون فلسطين فيه الكهف مأخوذ من رقمة الوادي وهي موضع الماء يقال : عليك بالرقمة ودع الصِّفّة ذكره الغزنوي . قال ابن عطية : وبالشام على ما سمعت به من ناس كثير كهف فيه موتى ، يزعم مجاوروه أنهم أصحاب الكهف وعليهم مسجد وبناء يسمى الرقيم ومعهم كلبٌ رمّة . وبالأندلس في جهة غرناطة بقرب قرية تسمى لوشة كهف فيه موتى ومعهم كلبٌ رمّة ، وأكثرهم قد تجرّد لحمه وبعضهم متماسك ، وقد مضت القرون السالفة ولم نجد من علم شأنهم أثارة . ويزعم ناس أنهم أصحاب الكهف ، دخلت إليهم ورأيتهم سنة أربع وخمسمائة وهم بهذه الحالة ، وعليهم مسجد ، وقريب منهم بناء رومي يسمى الرقيم ، كأنه قصر مخلق قد بقي بعض جدرانه ، وهو في فلاة من الأرض خربة ، وبأعلى غرناطة مما يلي القبلة آثار مدينة قديمة رومية يقال لها مدينة دقيوس ، وجدنا في آثارها غرائب من قبور ونحوها . قلت : ما ذكر من رؤيته لهم بالأندلس فإنما هم غيرهم لأن الله تعالى يقول في حق أصحاب الكهف : { لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوْلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً } وقد قال ابن عباس لمعاوية لما أراد رؤيتهم : قد منع الله من هو خير منك عن ذلك وسيأتي في آخر القصة . وقال مجاهد في قوله : « كانوا من آياتنا عجباً » قال : هم عجب . كذا روى ابن جريج عنه يذهب إلى أنه ليس بإنكار على النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يكون عنده أنهم عَجَب . وروى ابن نجيح عنه قال : يقول ليس بأعجب آياتنا .