Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 64-65)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
روى الترمذي عن ابن عباس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل : « ما منعك أن تزورنا أكثر مِما تزورنا » قال : فنزلت هذه الآية { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } إلى آخر الآية " قال هذا حديث حسن غريب . ورواه البخاري : حدّثنا خلاد بن يحيـى حدّثنا عمر بن ذرّ قال : سمعت أبي يحدّث عن سعيد بن جبير " عن ابن عباس أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لجبريل : « ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فنزلت { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } » الآية قال : كان هذا الجواب لمحمد صلى الله عليه وسلم " وقال مجاهد : " أبطأ الملك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه ، فقال : « ما الذي أبطأك » قال : كيف نأتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم ، ولا تأخذون من شواربكم ، ولا تُنَقُّون رَوَاجِبَكم ، ولا تستاكون قال مجاهد : فنزلت الآية في هذا " وقال مجاهد أيضاً وقتادة وعكرمة والضحاك ومقاتل والكلبي : احتبس جبريل عن النبيّ صلى الله عليه وسلم حين سأله قومه عن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين والروح ولم يدر ما يجيبهم ، ورجا أن يأتيه جبريل بجواب ما سألوا عنه قال عكرمة : فأبطأ عليه أربعين يوماً . وقال مجاهد : اثنتي عشرة ليلة . وقيل : خمسة عشر يوماً وقيل : ثلاثة عشر . وقيل : ثلاثة أيام . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " « أبطأت عليّ حتى ساء ظني واشتقت إليك » فقال جبريل عليه السلام : إني كنت أشوق ، ولكني عبد مأمور إذا بعثت نزلت ، وإذا حُبست احتبست " ، فنزلت الآية : { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } وأنزل { وَٱلضُّحَىٰ * وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ } [ الضحى : 1 3 ] . ذكره الثعلبي والواحدي والقشيري وغيرهم . وقيل : هو إخبار من أهل الجنة أنهم يقولون عند دخولها : وما نتنزل هذه الجنان إلا بأمر ربك . وعلى هذا تكون الآية متصلة بما قبل . وعلى ما ذكرنا من الأقوال قيل : تكون غير متصلة بما قبلها ، والقرآن سور ، ثم السور تشتمل على جمل ، وقد تنفصل جملة عن جملة . « وَمَا نَتَنَزَّلُ » أي قال الله تعالى : قل يا جبريل { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } . وهذا يحتمل وجهين : أحدهما : إنا إذا أمرنا نَزَلنا عليك . الثاني : إذا أمرك ربك نزّلنا عليك ، فيكون الأمر على الوجه الأوّل متوجهاً إلى النزول ، وعلى الوجه الثاني متوجهاً إلى التنزيل . وقوله تعالى : { لَهُ } أي لله . { مَا بَيْنَ أَيْدِينَا } أي علم ما بين أيدينا { وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ } قال ابن عباس وابن جريج : ما مضى أمامنا من أمر الدنيا ، وما يكون بعدنا من أمرها وأمر الآخرة « وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ » البرزخ . وقال قتادة ومقاتل : « له ما بين أيدينا » من أمر الآخرة « وما خلفنا » ما مضى من الدنيا « وما بين ذلك » ما بين النفختين وبينهما أربعون سنة . الأخفش : « ما بين أيدينا » ما كان قبل أن نخلق « وما خلفنا » ما يكون بعد أن نموت « وما بين ذلك » ما يكون منذ خلقنا إلى أن نموت . وقيل : « ما بين أيدينا » من الثواب والعقاب وأمور الآخرة . « وما خلفنا » ما مضى من أعمالنا في الدنيا « وما بين ذلك » أي ما يكون من هذا الوقت إلى يوم القيامة . ويحتمل خامساً : « ما بين أيدينا » السماء « وما خلفنا » الأرض « وما بين ذلك » أي ما بين السماء والأرض . وقال ابن عباس في رواية : « له ما بين أيدينا » يريد الدنيا إلى الأرض « وما خلفنا » يريد السموات وهذا على عكس ما قبله « وما بين ذلك » يريد الهواء ذكر الأوّل الماوردي والثاني القشيريّ . الزمخشري : وقيل ما مضى من أعمارنا وما غبر منها ، والحال التي نحن فيها . ولم يقل : ما بين ذينك لأن المراد ما بين ما ذكرنا كما قال : { لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ } [ البقرة : 68 ] أي بين ما ذكرنا . { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } أي ناسياً إذا شاء أن يرسل إليك أرسل . وقيل : المعنى لم ينسك وإن تأخر عنك الوحي . وقيل : المعنى أنه عالم بجميع الأشياء متقدمها ومتأخرها ، ولا ينسى شيئاً منها . قوله تعالى : { رَّبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } أي ربهما وخالقهما وخالق ما بينهما ومالكهما ومالك ما بينهما فكما إليه تدبير الأزمان كذلك إليه تدبير الأعيان . { فَٱعْبُدْهُ } أي وحِّده لذلك . وفي هذا دلالة على أن اكتسابات الخلق مفعولة لله تعالى كما يقوله أهل الحق ، وهو القول الحق لأن الرب في هذا الموضع لا يمكن حمله على معنى من معانيه إلا على المالك ، وإذا ثبت أنه مالك ما بين السماء والأرض ، دخل في ذلك اكتساب الخلق ، ووجبت عبادته لما ثبت أنه المالك على الإطلاق ، وحقيقة العبادة الطاعة بغاية الخضوع ، ولا يستحقها أحد سوى المالك المعبود . { وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ } أي لطاعته ولا تحزن لتأخير الوحي عنك ، بل اشتغل بما أمرت به . وأصل اصطبر اصتبر ، فثقل الجمع بين التاء والصاد لاختلافهما ، فأبدل من التاء طاء كما تقول من الصوم : اصطام { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } قال ابن عباس : يريد هل تعلم له ولداً أو نظيراً أو مثلاً أو شبيهاً يستحق مثل اسمه الذي هو الرحمن . وقاله مجاهد . مأخوذ من المساماة . وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال : هل تعلم أحداً سمي الرحمن . قال النحاس : وهذا أجلّ إسناد علمته روي في هذا الحرف ، وهو قول صحيح لا يقال الرحمن إلا لله . قلت : وقد مضى هذا مبيناً في البسملة . والحمد لله . روى ابن أبي نجيح عن مجاهد « هل تعلم له سمِيا » قال : مثلاً . ابن المسيب : عدلاً . قتادة والكلبي : هل تعلم أحداً يسمي الله تعالى غير الله ، أو يقال له الله إلا الله . وهل بمعنى لا أي لا تعلم . والله تعالى أعلم .