Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 81-82)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً } يعني مشركي قريش . و « عِزًّا » معناه أعواناً ومنعة يعني أولاداً . والعِزّ المطر الجُودُ أيضاً قاله الهروي . وظاهر الكلام أن « عِزًّا » راجع إلى الآلهة التي عبدوها من دون الله . ووحد لأنه بمعنى المصدر أي لينالوا بها العز ويمتنعون بها من عذاب الله فقال الله تعالى : { كَلاَّ } أي ليس الأمر كما ظنوا وتوهموا بل يكفرون بعبادتهم أي ينكرون أنهم عبدوا الأصنام ، أو تجحد الآلهة عبادة المشركين لها كما قال : { تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } [ القصص : 63 ] . وذلك أن الأصنام جمادات لا تعلم العبادة . { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } أي أعواناً في خصومتهم وتكذيبهم . عن مجاهد والضحاك : يكونون لهم أعداء . ابن زيد : يكونون عليهم بلاء فتحشر آلهتهم ، وتركب لهم عقول فتنطق ، وتقول : يا رب عذِّبْ هؤلاء الذين عبدونا من دونك . و « كلا » هنا يحتمل أن تكون بمعنى لا ، ويحتمل أن تكون بمعنى حقًّا أي حقاً « سيكفرون بِعِبادتهِم » . وقرأ أبو نهيك : « كَلاًّ سيكفرون » بالتنوين . وروي عنه مع ذلك ضم الكاف وفتحها . قال المهدوي : « كلا » ردع وزجر وتنبيه ورد لكلام متقدم ، وقد تقع لتحقيق ما بعدها والتنبيه عليه كقوله : { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } [ العلق : 6 ] فلا يوقف عليها على هذا ، ويوقف عليها في المعنى الأول فإن صلح فيها المعنيَان جميعاً جاز الوقف عليها والابتداء بها . فمن نوّن « كلا » من قوله : { كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ } مع فتح الكاف فهو مصدر كَلَّ ونصبه بفعل مضمر والمعنى كَلَّ هذا الرأي والاعتقاد كَلاًّ ، يعني اتخاذهم الآلهة « لِيكونوا لهم عِزا » فيوقف على هذا على « عِزا » وعلى « كَلاًّ » . وكذلك في قراءة الجماعة ، لأنها تصلح للرد لما قبلها ، والتحقيق لما بعدها . ومن روى ضم الكاف مع التنوين ، فهو منصوب أيضاً بفعل مضمر ، كأنه قال : سيكفرون « كُلاًّ سيكفرون بِعِبادتهِم » يعني الآلهة . قلت : فتحصل في « كلاّ » أربعة معان : التحقيق وهو أن تكون بمعنى حقاً ، والنفي ، والتنبيه ، وصلة للقسم ، ولا يوقف منها إلا على الأول . وقال الكسائي : « لا » تنفي فحسب ، و « كلا » تنفي شيئاً وتثبت شيئاً ، فإذا قيل : أكلت تمراً ، قلت : كلا إني أكلت عسلاً لا تمراً ، ففي هذه الكلمة نفي ما قبلها ، وتحقق ما بعدها . والضد يكون واحداً ويكون جمعاً ، كالعدوّ والرسول . وقيل : وقع الضد موقع المصدر أي ويكونون عليهم عوناً فلهذا لم يجمع ، وهذا في مقابلة قوله : « لِيكونوا لهم عِزاً » والعز مصدر ، فكذلك ما وقع في مقابلته . ثم قيل : الآية في عبدة الأصنام ، فأجرى الأصنام مجرى من يعقل جرياً على توهم الكفرة . وقيل : فيمن عبد المسيح أو الملائكة أو الجن أو الشياطين فالله تعالى أعلم .