Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 88-91)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً } يعني اليهود والنصارى ، ومن زعم أن الملائكة بنات الله . وقرأ يحيـى والأعمش وحمزة والكسائي وعاصم وخلف : « وُلْداً » بضم الواو وإسكان اللام ، في أربعة مواضع : من هذه السورة قوله تعالى : { لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } [ مريم : 77 ] وقد تقدّم ، وقوله : « أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وُلْداً * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وُلْداً » . وفي سورة نوح : { مَالُهُ وَوَلَدُهُ } [ نوح : 21 ] . ووافقهم في « نوح » خاصة ابن كثير ومجاهد وحميد وأبو عمرو ويعقوب . والباقون في الكل بالفتح في الواو واللام ، وهما لغتان مثل العَرب والعُرب والعَجم والعُجم . قال : @ ولقد رأيت معاشرا قد ثَمَّرُوا مالاً ووُلْدا @@ وقال آخر : @ وليتَ فلاناً كان في بطنِ أمِّهِ وليت فلاناً كان وُلْد حمارِ @@ وقال في معنى ذلك النابغة : @ مَهْلاً فداءً لكَ الأقوامُ كلُّهم وما أُثَمِّر من مالٍ ومِن وَلَدِ @@ ففتح . وقيس يجعلون الوُلْد بالضم جمعا والوَلَد بالفتح واحداً . قال الجوهري : الوَلَد قد يكون واحداً وجمعاً ، وكذلك الوُلْد بالضم . ومن أمثال بني أسد : وُلْدُكِ من دَمَّى عَقِبيْكِ . وقد يكون الوُلْد جمع الوَلد مثل أُسْد وأسد : والوِلد بالكسر لغة في الوُلْد . النحاس : وفرق أبو عبيد بينهما فزعم أن الوَلَد يكون للأهل والوَلَد جميعاً . قال أبو جعفر : وهذا قول مردود لا يعرفه أحد من أهل اللغة ولا يكون الوَلَد والوُلْد إلا ولد الرجل ، ووَلَد وَلَده ، إلا أن وَلَداً أكثر في كلام العرب كما قال : @ مَهْلاً فداءً لَكَ الأقوامُ كلُّهم وما أُثَمِّر مِنْ مالٍ ومن وَلَدِ @@ قال أبو جعفر وسمعت محمد بن الوليد يقول : يجوز أن يكون وُلْد جمع وَلَد ، كما يقال وَثَن ووُثْن وأَسَد وأُسْد ، ويجوز أن يكون وَلَد ووُلْد بمعنى واحد كما يقال عَجَم وَعُجْم وعَرَب وعُرْب كما تقدّم . قوله تعالى : { لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً } أي منكراً عظيماً عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما . قال الجوهري : الإِدّ والإِدّة الداهِية والأمر الفظيع ومنه قوله تعالى : { لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً } وكذلك الآدُّ مثل فاعل . وجمع الإدة إِدَدٌ . وأَدَّت فلاناً داهِيةٌ تؤدُّه أَدًّا بالفتح والإِدُّ أيضاً الشدّة . والآدُّ الغلبة والقوة قال الراجز : @ نَضَوْنَ عَنّي شدَّةً وأَدًّا من بَعْدِ ما كنْتُ صُمُلاًّ جَلْداً @@ انتهى كلامه . وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي « أَدًّا » بفتح الهمزة . النحاس : يقال أد يؤد أدًّا فهو آد والاسم الإدّ إذا جاء بشيء عظيم منكر . وقال الراجز : @ قد لَقِي الأقران مِنِّي نُكْرَا داهِيةً دهياء إِدًّا إِمْراً @@ عن غير النحاس الثعلبي : وفيه ثلاث لغات « إدًّا » بالكسر وهي قراءة العامة ، « وأَدًّا » بالفتح وهي قراءة السُّلَمي ، و « آدٌّ » مثل مادّ ، وهي لغة لبعض العرب رويت عن ابن عباس وأبي العالية وكأنها مأخوذة من الثقل يقال : آدَه الحمل يَأُوده أَوْداً أثقله . قوله تعالى : { تَكَادُ ٱلسَّمَاوَاتُ } قراءة العامة هنا وفي « الشورى » بالتاء . وقراءة نافع ويحيـى والكسائي « يكاد » بالياء لتقدم الفعل . { يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } أي يتشققن . وقرأ نافع وابن كثير وحفص وغيرهم بتاء بعد الياء وشد الطاء من التفطر هنا وفي « الشورى » . ووافقهم حمزة وابن عامر في « الشورى » . وقرأا هنا « ينفطِرن » من الانفطار : وكذلك قرأها أبو عمرو وأبو بكر والمفضّل في السورتين . وهي اختيار أبي عبيد لقوله تعالى : { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } [ الانفطار : 1 ] وقوله : { السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ } [ المزمل : 18 ] . وقوله : { وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ } أي تتصدع . { وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً } قال ابن عباس : هدماً أي تسقط بصوت شديد . وفي الحديث " اللهم إني أعوذ بك من الهدِّ والهَدَّة " قال شمر : قال أحمد بن غياث المروزي : الهدّ الهدم والهدّة الخسوف . وقال الليث : هو الهدم الشديد كحائط يهدّ بمرة يقال : هدَّني الأمر وهدّ ركني أي كسرني وبلغ مني قاله الهروي . الجوهري : وهدّ البناء يهدّه هدّاً كسره وضعضعه ، وهدّته المصيبة أي أوهنت ركنه ، وانهدّ الجبل انكسر . الأصمعي : والهدّ الرجل الضعيف يقول الرجل للرجل إذا أوعده : إني لَغير هدٍّ أيْ غيرُ ضعيف . وقال ابن الأعرابي : الهدّ من الرجال الجواد الكريم ، وأما الجبان الضعيف فهو الهِدّ بالكسر وأنشد : @ لَيسُوا بهِدِّين في الحُرُوب إذا تُعْقَدُ فوقَ الحرَاقِفِ النُّطُقُ @@ والهَدَّة صوت وقع الحائط ونحوه ، تقول منه : هَدَّ يهِدُّ بالكسر هَدِيداً . والهادُّ صوت يسمعه أهل الساحل ، يأتيهم من قبل البحر له دويٌّ في الأرض ، وربما كانت منه الزلزلة ، ودويُّه هديده . النحاس : « هَدًّا » مصدر لأن معنى « تَخِرُّ » تُهَدّ . وقال غيره : حال أي مهدودة : { أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً } « أن » في موضع نصب عند الفراء بمعنى لأن دعوا ومن أن دعوا ، فموضع « أن » نصب بسقوط الخافض . وزعم الفراء أن الكسائي قال : هي في موضع خفض بتقدير الخافض . وذكر ابن المبارك : حدثنا مِسْعر ، عن وأصل ، عن عون بن عبد الله قال : قال عبد الله بن مسعود : إن الجبل ليقول للجبل يا فلان هل مر بك اليوم ذاكر لله ؟ فإن قال نعم سُرَّ به . ثم قرأ عبد الله { وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً } الآية قال : أفتراهن يسمعن الزور ولا يسمعن الخير ؟ ! قال : وحدّثني عوف عن غالب بن عجرد قال : حدّثني رجل من أهل الشام في مسجد مِنىً ، قال : إن الله تعالى لما خلق الأرض وخلق ما فيها من الشجر ، لم تك في الأرض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها منفعة ، وكان لهم منها منفعة ، فلم تزل الأرض والشجر كذلك حتى تكلم فجرة بني آدم تلك الكلمة العظيمة ، قولهم : اتخذ الرحمن ولداً فلما قالوها اقشعرت الأرض وشاك الشجر . وقال ابن عباس : اقشعرت الجبال وما فيها من الأشجار ، والبحار وما فيها من الحيتان ، فصار من ذلك الشوك في الحيتان ، وفي الأشجار الشوك . وقال ابن عباس أيضاً وكعب : فزعت السموات والأرض والجبال ، وجميع المخلوقات إلا الثقلين ، وكادت أن تزول ، وغضبت الملائكة فاستعرت جهنم ، وشاك الشجر ، واكفهرت الأرض وجدبت حين قالوا : اتخذ الله ولداً . وقال محمد بن كعب : لقد كاد أعداء الله أن يقيموا علينا الساعة ، لقوله تعالى : { تَكَادُ ٱلسَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً } قال ابن العربي : وصدق فإنه قول عظيم سبق به القضاء والقدر ، ولولا أن الباري تبارك وتعالى لا يضعه كفر الكافر ، ولا يرفعه إيمان المؤمن ، ولا يزيد هذا في ملكه ، كما لا ينقص ذلك من ملكه ، لما جرى شيء من هذا على الألسنة ، ولكنه القدوس الحكيم الحليم ، فلم يبال بعد ذلك بما يقول المبطلون .