Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 11-11)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

« إذا » في موضع نصب على الظرف والعامل فيها « قالوا » وهي تؤذن بوقوع الفعل المنتظر . قال الجوهري : « إذا » ٱسم يدلّ على زمان مستقبل ، ولم تستعمل إلا مضافة إلى جملة تقول : أجيئك إذا احمرّ الْبُسْر ، وإذا قدِم فلان . والذي يدل على أنها ٱسم وقوعها موقع قولك : آتيك يوم يقدَم فلان فهي ظرف وفيها معنى المجازاة . وجزاء الشرط ثلاثة : الفعل والفاء وإذا فالفعل قولك : إن تأتني آتك . والفاء : إن تأتني فأنا أحسِن إليك . وإذا كقوله تعالى : { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } [ الروم : 36 ] . ومما جاء من المجازاة بإذا في الشعر قول قيس بن الخَطِيم : @ إذا قَصُرَتْ أسيافُنا كان وصلُها خُطانا إلى أعدائنا فنُضارِبِ @@ فعطف « فنضارب » بالجزم على « كان » لأنه مجزوم ، ولو لم يكن مجزوماً لقال : فنضاربَ بالنصب . وقد تزاد على « إذا » « ما » تأكيداً ، فيُجزم بها أيضاً ومنه قول الفَرَزْدَق : @ فقام أبو لَيْلَى إليه ٱبنُ ظالمٍ وكان إذا ما يسلُلِ السيفَ يضرِبِ @@ قال سيبويه : والجيّد ما قال كعب بن زُهَير : @ وإذا ما تشاءُ تبعثُ منها مغربَ الشمسِ ناشِطاً مَذْعُورَا @@ يعني أن الجيّد ألا يجزم بإذا كما لم يجزم في هذا البيت . وحكي عن المبرّد أنها في قولك في المفاجأة : خرجت فإذا زيد ، ظرف مكان لأنها تضمنت جُثّة . وهذا مردود لأن المعنى خرجت فإذا حضور زيد فإنما تضمّنت المصدر كما يقتضيه سائر ظروف الزمان ومنه قولهم : « اليومَ خَمْرٌ وغداً أمرٌ » فمعناه وجود خمر ووقوع أمر . قوله : { قِيلَ } من القَول وأصله قَوِل نُقِلت كسرة الواو إلى القاف فٱنقلبت الواو ياء . ويجوز : « قيل لهم » بإدغام اللام في اللام . وجاز الجمع بين ساكنين لأن الياء حرف مدّ ولين . قال الأخفش : ويجوز « قُيُل » بضم القاف والياء . وقال الكسائي : ويجوز إشمام القاف الضم ليدل على أنه لما لم يسم فاعله ، وهي لغة قيس . وكذلك جِيءَ وغِيضَ وحِيل وسِيق وسِيء وسِيئت . وكذلك روى هشام عن ٱبن عباس ، ورُوَيْس عن يعقوب . وأَشَمّ منها نافع سيء وسيئت خاصة . وزاد ٱبن ذَكوان : حِيل وسِيق وكسر الباقون في الجميع . فأما هُذيل وبنو دُبَير من أسد وبني فَقْعَس فيقولون : « قوْل » بواو ساكنة . قوله : { لاَ تُفْسِدُواْ } « لا » نهي . والفساد ضدّ الصلاح ، وحقيقته العدول عن الاستقامة إلى ضدّها . فَسَد الشيء يَفْسِدُ فَساداً وفُسوداً وهو فاسد وفِسيد . والمعنى في الآية : لا تُفسدوا في الأرض بالكفر وموالاة أهله ، وتفريق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن . وقيل : كانت الأرض قبل أن يبعث النبيّ صلى الله عليه وسلم فيها الفساد ، ويفعل فيها بالمعاصي فلما بُعث النبيّ صلى الله عليه وسلم ٱرتفع الفساد وصلحت الأرض . فإذا عملوا بالمعاصي فقد أفسدوا في الأرض بعد إصلاحها كما قال في آية أخرى : { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا } [ الأعراف : 56 ] قوله : { فِي ٱلأَرْضِ } الأرض مؤنثة ، وهي ٱسم جنس ، وكان حق الواحدة منها أن يقال أَرْضَةَ ، ولكنهم لم يقولوا . والجمع أَرضات لأنهم قد يجمعون المؤنث الذي ليست فيه هاء التأنيث بالتاء كقولهم : عُرُسات . ثم قالوا أَرضون فجمعوا بالواو والنون والمؤنث لا يجمع بالواو والنون إلا أن يكون منقوصاً كُثَبة وظُبَة ، ولكنهم جعلوا الواو والنون عوضاً من حذفهم الألف والتاء وتركوا فتحة الراء على حالها ، وربما سُكّنت . وقد تجمع على أُرُوض . وزعم أبو الخطاب أنهم يقولون : أرْض وآراض ، كما قالوا : أهل وآهال . والأراضي أيضاً على غير قياس كأنهم جمعوا آرُضًا . وكل ما سفل فهو أرض . وأَرْض أرِيضة أي زكيّة بيّنة الأراضة . وقد أُرِضت بالضم ، أي زكت . قال أبو عمرو : نزلنا أرضاً أريضة أي معجبة للعين ويقال : لا أرض لك ، كما يقال : لا أمّ لك . والأرض : أسفل قوائم الدابة قال حُمَيد يصف فرساً : @ ولم يُقَلِّب أرْضَها البَيْطَارُ ولا لَحْبَلَيْهِ بِها حَبَارُ @@ أي أثر . والأرض : النَّفْضَة والرِّعْدة . روى حماد بن سلمة عن قتادة عن عبد اللَّه بن الحارث قال : زُلْزِلَت الأرض بالبصرة فقال ٱبن عباس : والله ما أدريٰ أزُلزلت الأرض أم بي أرْض ؟ أي أم بي رِعدة وقال ذو الرُّمّة يصف صائداً : @ إذا تَوَجّس رِكْزاً من سَنابكها أو كان صاحبَ أرضٍ أو به الْمُومُ @@ والأرض : الزّكام . وقد آرضه الله إيراضاً أي أزكمه فهو مأروض . وفسِيل مستأرِض ، ووَدِيّة مستأرِضة بكسر الراء وهو أن يكون له عِرق في الأرض فأما إذا نبت على جذع النخل فهو الراكب . والإراض بالكسر : بساط ضخم من صوف أو وبر . ورجل أريض أي متواضع خليق للخير . قال الأصمعي يقال : هو آرَضُهم أن يفعل ذلك أي أخلقهم . وشيء عرِيض أرِيض إتباع له وبعضهم يفرده ويقول : جَدْيٌ أرِيض أي سمين . قوله : { نَحْنُ } أصل « نحن » نَحُنْ ، قُلبت حركة الحاء على النون وأسكنت الحاء قاله هشام بن معاوية النحوي . وقال الزجاج : « نحن » لجماعة ، ومن علامة الجماعة الواو ، والضمة من جنس الواو فلما ٱضطروا إلى حركة « نحن » لالتقاء الساكنين حركوها بما يكون للجماعة . قال : لهذا ضموا واو الجمع في قوله عز وجل : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرُواْ ٱلضَّلاَلَةَ } [ البقرة : 16 ] . وقال محمد بن يزيد : « نحن » مثل قَبْلُ وبعدُ لأنها متعلقة بالإخبار عن ٱثنين وأكثر ، فـ « ـأنا » للواحد و « نحن » للتثنية والجمع ، وقد يخبر به المتكلم عن نفسه في قوله : نحن قمنا قال الله تعالى : { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ } [ الزخرف : 32 ] . والمؤنّث في هذا إذا كانت متكلمة بمنزلة المذكر تقول المرأة : قمت وذهبت ، وقمنا وذهبنا ، وأنا فعلت ذاك ، ونحن فعلنا . هذا كلام العرب فٱعلم . قوله تعالى : { مُصْلِحُونَ } ٱسم فاعل من أصلح . والصلاح : ضد الفساد . وصَلُح الشيء بضم اللام وفتحها لغتان قاله ٱبن السِّكِّيت . والصُّلوح بضم الصاد مصدر صَلُح بضم اللام قال الشاعر : @ فكيف بإطراقي إذا ما شَتَمْتَنِي وما بعدَ شَتْمِ الوالدين صُلُوحُ @@ وصلاح من أسماء مكة . والصِّلْح بكسر الصاد : نهر . وإنما قالوا ذلك على ظنهم لأن إفسادهم عندهم إصلاح أي أن ممالأتنا للكفار إنما نريد بها الإصلاح بينهم وبين المؤمنين . قاله ٱبن عباس وغيره .