Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 200-200)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه مسألتان : الأولى : قوله تعالى : { فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَّنَاسِكَكُمْ } قال مجاهد : المناسك الذبائح وهِراقة الدماء . وقيل : هي شعائر الحج لقوله عليه السلام : " خذوا عني مناسككم " المعنى : فإذا فعلتم منسكاً من مناسك الحج فٱذكروا الله وأثنوا عليه بآلائه عندكم . وأبو عمرو يُدغم الكاف في الكاف ، وكذلك { مَّنَاسِكَكُمْ } ، لأنهما مثلان . و « قضيتم » هنا بمعنى أديتم وفرغتم ، قال الله تعالى : { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ } [ الجمعة : 10 ] أي أدّيتم الجمعة . وقد يعبّر بالقضاء عما فعل من العبادات خارج وقتها المحدود لها . الثانية : قوله تعالى : { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ } كانت عادة العرب إذا قضت حجّها تقف عند الجمرة ، فتفاخر بالآباء ، وتذكر أيام أسلافها من بسالة وكرم ، وغير ذلك حتى أن الواحد منهم ليقول : اللَّهُمّ إن أبِي كان عَظيمَ القُبّة ، عظيمَ الجَفْنَة ، كثير المال فأعطني مثل ما أعطيته فلا يذكر غير أبيه فنزلت الآية ليلزموا أنفسهم ذكر الله أكثر من التزامهم ذكر آبائهم أيام الجاهلية . هذا قول جمهور المفسرين . وقال ٱبن عباس وعطاء والضحاك والربيع : معنى الآية وٱذكروا الله كذكر الأطفال آبائهم وأمهاتهم : أَبَه أُمّه أي فٱستغيثوا به وٱلجئوا إليه كما كنتم تفعلون في حال صغركم بآبائكم . وقالت طائفة : معنى الآية ٱذكروا الله وعظموه وذُبُّوا عن حُرَمه ، وٱدفعوا من أراد الشرك في دينه ومشاعره كما تذكرون آباءكم بالخير إذا غَضّ أحد منهم ، وتحمون جوانبهم وتَذُبُّون عنهم . وقال أبو الجوزاء لابن عباس : إن الرجل اليوم لا يذكر أباه ، فما معنى الآية ؟ قال : ليس كذلك ، ولكن أن تغضب لله تعالى إذا عُصِيَ أشدّ من غضبك لوالديك إذا شُتِما . والكاف من قوله { كَذِكْرِكُمْ } في موضع نصب أي ذكراً كذكركم . { أَوْ أَشَدَّ } قال الزجاج : « أو أشد » في موضع خفض عطفاً على ذكركم ، المعنى : أو كأشدّ ذكراً ، ولم ينصرف لأنه « أفعل » صفة ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى أو ٱذكروه أشدّ . و « ذِكْراً » نصب على البيان . قوله تعالى : { فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا } « مِن » في موضع رفع بالابتداء ، وإن شئت بالصفة . « يقول ربنا آتنا في الدنيا » صلة « من » ، والمراد المشركون . قال أبو وائل والسدّي وٱبن زيد : كانت العرب في الجاهلية تدعوا في مصالح الدنيا فقط ، فكانوا يسألون الإبل والغنم والظفر بالعدوّ ، ولا يطلبون الآخرة ، إذ كانوا لا يعرفونها ولا يؤمنون بها ، فنُهوا عن ذلك الدعاء المخصوص بأمر الدنيا ، وجاء النهي في صيغة الخبر عنهم . ويجوز أن يتناول هذا الوعيدُ المؤمنَ أيضاً إذا قَصر دعواته في الدنيا وعلى هذا فـ { مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ } أي كخلاق الذي يسأل الآخرة . والخلاق النصيب . و « من » زائدة وقد تقدّم .