Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 40-40)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يَابَنِي إِسْرَائِيلَ } نداء مضاف ، علامة النصب فيه الياء ، وحذفت منه النون للإضافة . الواحد ٱبن ، والأصل فيه بني ، وقيل : بَنَوٌ فمن قال : المحذوف منه واو ٱحتج بقولهم : البنوّة . وهذا لا حجة فيه لأنهم قد قالوا : الفتّوة ، وأصله الياء . وقال الزجاج : المحذوف منه عندي ياء كأنه من بنيت . الأخفش : اختار أن يكون المحذوف منه الواو لأن حذفها أكثر لثقلها . ويقال : ٱبن بيّن البنوّة ، والتصغير بُنيّ . قال الفراء : يقال : يا بُنَيِّ ويا بُنَيَّ لغتان ، مثل يا أبتِ ويا أبتَ وقرىء بهما . وهو مشتقّ من البناء وهو وضع الشيء على الشيء والابن فرع للأب وهو موضوع عليه . وإسرائيل هو يعقوب بن إسحٰق بن إبراهيم عليهم السلام . قال أبو الفرج الجَوْزِيّ : وليس في الأنبياء من له ٱسمان غيره ، إلا نبينّا محمد صلى الله عليه وسلم فإن له أسماء كثيرة . ذكره في كتاب « فهوم الآثار » له . قلت : وقد قيل في المسيح إنه ٱسم عَلَم لعيسى عليه السلام غير مشتق ، وقد سمّاه الله رُوحاً وكَلِمة ، وكانوا يسمّونه أبِيل الأَبِيلين ذكره الجوهري في الصحاح . وذكر البيهقي في « دلائل النبوّة » عن الخليل بن أحمد : خمسة من الأنبياء ذوو ٱسمين ، محمد وأحمد نبيّنا صلى الله عليه وسلم ، وعيسى والمسيح ، وإسرائيل ويعقوب ، ويونس وذو النون ، وإلياس وذو الكفل صلى الله عليه وسلم . قلت : ذكرنا أن لعيسى أربعة أسماء ، وأما نبينا صلى الله عليه وسلم فله أسماء كثيرة ، بيانها في مواضعها . وإسرائيل : ٱسم أعجمي ، ولذلك لم ينصرف وهو في موضع خفض بالإضافة . وفيه سبع لغات : إسرائيل ، وهي لغة القرآن . وإسرائيل ، بمدّة مهموزة مختلسة ، حكاها شنّبوذ عن وَرْش . وإسراييل ، بمدّة بعد الياء من غير همز ، وهي قراءة الأعمش وعيسى بن عمر وقرأ الحسن والزهريّ بغير همز ولا مدّ . وإسرائل ، بغير ياء بهمزة مكسورة . وإسراءَل ، بهمزة مفتوحة . وتميم يقولون : إسرائين ، بالنون . ومعنى إسرائيل : عبد الله . قال ابن عباس : إسرا بالعبرانية هو عبد ، وإيل هو الله . وقيل : إسرا هو صفوة الله ، وإيل هو الله . وقيل : إسرا من الشدّ فكأن إسرائيل الذي شدّه الله وأتقن خلقه ذكره المهدَوي . وقال السُّهيلي : سميّ إسرائيل لأنه أسرى ذات ليلة حين هاجر إلى الله تعالى فسمي إسرائيل أي أسرى إلى الله ونحو هذا فيكون بعض الاسم عبرانياً وبعضه موافقاً للعرب . والله أعلم . قوله تعالى : { ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } الذكر ٱسم مشترك ، فالذكر بالقلب ضدّ النسيان ، والذكر باللسان ضدّ الإنصات . وذكرت الشيء بلساني وقلبي ذكرا . وٱجعله منك على ذُكْر بضم الذال أي لا تنسه . قال الكسائي : ما كان بالضمير فهو مضموم الذال ، وما كان باللسان فهو مكسور الذال . وقال غيره : هما لغتان ، يقال : ذِكْر وذُكْر ، ومعناهما واحد . والذَّكر بفتح الذال خلاف الأنثى . والذِّكر أيضاً الشرف ومنه قوله : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } [ الزخرف : 44 ] . قال ٱبن الأنباري : والمعنى في الآية ٱذكروا شكر نعمتي فحذف الشكر ٱكتفاء بذكر النعمة . وقيل : إنه أراد الذكر بالقلب وهو المطلوب أي لا تغفلوا عن نعمتي التي أنعمت عليكم ولا تناسوها وهو حسن . والنعمة هنا ٱسم جنس ، فهي مفردة بمعنى الجمع ، قال الله تعالى : { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا } [ إبراهيم : 34 ] أي نِعمَه . ومن نعمه عليهم أن أنجاهم من آل فرعون ، وجعل منهم أنبياء ، وأنزل عليهم الكتب والمنّ والسَّلْوَى ، وفجّر لهم من الحجر الماء ، إلى ما ٱستودعهم من التوراة التي فيها صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته ورسالته . والنعم على الآباء نعم على الأبناء لأنهم يشرفون بشرف آبائهم . تنبيه : قال أرباب المعاني : ربط سبحانه وتعالى بني إسرائيل بذكر النعمة وأسقطه عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى ذكره ، فقال : { فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ } [ البقرة : 152 ] ليكون نظر الأمم من النعمة إلى المنعم ، ونظر أمة محمد صلى الله عليه وسلم من المنعم إلى النعمة . قوله تعالى : { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } أمْرٌ وجوابه . وقرأ الزهريّ : « أُوَفّ » بفتح الواو وشد الفاء للتكثير . وٱختلف في هذا العهد ما هو فقال الحسن : عهده قوله : { خُذُواْ مَآ آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ } [ البقرة : 63 ] ، وقوله : { وَلَقَدْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ ٱثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً } [ المائدة : 12 ] . وقيل هو قوله : { وَإِذَ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ } [ آل عمران : 187 ] . وقال الزجاج : { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ } الذي عهدت إليكم في التوراة من ٱتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، { أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } بما ضمنت لكم على ذلك ، إن أوفيتم به فلكم الجنة . وقيل : { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ } في أداء الفرائض على السنة والإخلاص ، { أُوفِ } بقبولها منكم ومجازاتكم عليها . وقال بعضهم : { أَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ } في العبادات ، { أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } أي أوصلكم إلى منازل الرعايات . وقيل : { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ } في حفظ آداب الظواهر ، { أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } بتزيين سرائركم . وقيل : هو عام في جميع أوامره ونواهيه ووصاياه فيدخل في ذلك ذكر محمد صلى الله عليه وسلم الذي في التوراة وغيره . هذا قول الجمهور من العلماء ، وهو الصحيح . وعهده سبحانه وتعالى هو أن يدخلهم الجنة . قلت : وما طلب من هؤلاء من الوفاء بالعهد هو مطلوب منا قال الله تعالى : { أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } [ المائدة : 1 ] ، { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ } [ النحل : 91 ] وهو كثير . ووفاؤهم بعهد الله أمارة لوفاء الله تعالى لهم لا علة له ، بل ذلك تفضُّلٌ منه عليهم . قوله تعالى : { وَإِيَّايَ فَٱرْهَبُونِ } أي خافون . والرُّهْبُ والرَّهْبُ والرَّهْبَة : الخوف . ويتضمّن الأمر به معنى التهديد . وسقطت الياء بعد النون لأنها رأس آية . وقرأ ٱبن أبي إسحاق : « فٱرْهَبونِي » بالياء ، وكذا « فٱتّقوني » على الأصل . « وإيّايَ » منصوب بإضمار فعل ، وكذا الاختيار في الأمر والنهي والاستفهام التقدير : وإياي ٱرهبوا فٱرهبون . ويجوز في الكلام وأنا فٱرهبون على الابتداء والخبر . وكون « فٱرهبون » الخبر على تقدير الحذف المعنى وأنا ربكم فٱرهبون .