Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 68-68)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } هذا تعنيت منهم وقلّة طواعية ولو ٱمتثلوا الأمر وذبحوا أيّ بقرة كانت لحصل المقصود ، لكنهم شدّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم قاله ٱبن عباس وأبو العالية وغيرهما . ونحو ذلك روى الحسن البصريّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم . ولغة بني عامر « ٱدِع » وقد تقدم . و { يُبَيِّنَ } مجزوم على جواب الأمر . { مَا هِيَ } ابتداء وخبر . وماهِيّة الشيء : حقيقته وذاته التي هو عليها . قوله تعالى : { قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ } في هذا دليل على جواز النسخ قبل وقت الفعل لأنه لما أمر ببقرة ٱقتضى أيّ بقرة كانت ، فلما زاد في الصفة نسخ الحكم الأوّل بغيره كما لو قال : في ثلاثين من الإبل بنتُ مَخَاض ، ثم نَسَخه بٱبنة لَبُون أو حِقة . وكذلك ها هنا لما عيّن الصفة صار ذلك نسخاً للحكم المتقدّم . والفارض : المُسِنّة . وقد فَرَضَت تَفْرِض فروضاً أي أسَنَّت . ويقال للشيء القديم فارض قال الراجز : @ شَيّبَ أصداغِي فرأسِي أبيضُ مَحاملٌ فيها رجال فُرّضُ @@ يعني هَرْمَي قال آخر : @ لَعَمرُك قد أعطيتَ جارك فارضاً تُساق إليه ما تقوم على رِجْلِ @@ أي قديماً وقال آخر : @ يا رُبّ ذي ضِغْن عليّ فارِض له قُروء كقُروء الحائِض @@ أي قديم . و { لاَّ فَارِضٌ } رفع على الصفة لبقرة . { وَلاَ بِكْرٌ } عطف . وقيل : { لاَّ فَارِضٌ } خبر مبتدأ مضمر أي لا هي فارض وكذا « لا ذلول » ، وكذلك « لاَ تَسْقِي الْحَرْثَ » وكذلك « مُسَلَّمَةٌ » فٱعلمه . وقيل : الفارض التي قد ولدت بطوناً كثيرة فيتّسع جَوْفها لذلك لأن معنى الفارض في اللغة الواسع قاله بعض المتأخرين . والبِكر : الصغيرة التي لم تحمل . وحكى القُتَبِيّ أنها التي ولدت . والبكر : الأوّل من الأولاد قال : @ يا بِكْرِ بِكْرَينِ ويا خِلْبَ الكَبِدْ أصبحتَ مِنّي كذراع مِن عَضُدْ @@ والبِكْرُ أيضاً في إناث البهائم وبني آدم : ما لم يَفْتَحِلْه الفحل وهي مكسورة الباء . وبفتحها الفَتِيّ من الإبل . والعَوَان : النَّصَف التي قد ولدت بطناً أو بطنين وهي أقوى ما تكون من البقر وأحسنه ، بخلاف الخيل قال الشاعر يصف فرساً : @ كُمَيْت بَهِيم اللّوْنِ ليس بفارضٍ ولا بِعَوان ذاتِ لَوْن مُخَصّفِ @@ فرس أَخْصَف : إذا ٱرتفع البَلَق من بطنه إلى جنبه . وقال مجاهد : العَوَان من البقر هي التي قد ولدت مَرّة بعد مَرّة . وحكاه أهل اللغة . ويقال : إن العَوَان النّخلةُ الطويلة وهي فيما زعموا لغة يمانية . وحَرْبٌ عَوَانٌ : إذا كان قبلها حَرْب بِكرٌ قال زُهير : @ إذا لَقِحتْ حربٌ عَوانٌ مُضِرّةٌ ضَروسٌ تُهِرّ الناسَ أنيابُها عُصْلُ @@ أي لا هي صغيرة ولا هي مُسِنّة أي هو عَوان ، وجمعها « عُوْنٌ » بضم العين وسكون الواو وسُمع « عُوُن » بضم الواو كرُسُل . وقد تقدم . وحكى الفَرّاء من العوان عَونَت تَعْويناً . قوله تعالى : { فَٱفْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ } تجديد للأمر وتأكيد وتنبيه على ترك التعنّت فما تركوه . وهذا يدل على أن مقتضى الأمر الوجوب كما تقوله الفقهاء وهو الصحيح على ما هو مذكور في أصول الفقه ، وعلى أن الأمر على الفَوْر وهو مذهب أكثر الفقهاء أيضاً . ويدلّ على صحة ذلك أنه تعالى ٱستقصرهم حين لم يبادروا إلى فعل ما أمِروا به فقال : { فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ } . وقيل : لا ، بل على التراخي لأنه لم يَعنِّفهم على التأخير والمراجعة في الخطاب . قاله ٱبن خُوَيْزِ مَنْدَاد .