Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 94-95)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما ٱدّعت اليهود دعاوى باطلة حكاها الله عز وجل عنهم في كتابه كقوله تعالى : { لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً } [ البقرة : 80 ] ، وقوله : { وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } [ البقرة : 111 ] ، وقالوا : { نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [ المائدة : 18 ] أكذبهم الله عز وجل وألزمهم الحجة فقال قل لهم يا محمد : { إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ } يعني الجنة { فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } في أقوالكم لأن من ٱعتقد أنه من أهل الجنة كان الموت أحبَّ إليه من الحياة في الدنيا ، لِما يصير إليه من نعيم الجنة ، ويزول عنه من أذى الدنيا ، فأحجموا عن تمنّي ذلك فَرَقاً من الله لقبح أعمالهم ومعرفتهم بكفرهم في قولهم : { نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [ المائدة : 18 ] ، وحرِصهم على الدنيا ولهذا قال تعالى مخبِراً عنهم بقوله الحق : { وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمينَ } تحقيقاً لكذبهم . وأيضاً لو تمنَّوُا الموت لماتوا كما روي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لو أن اليهود تمنّوُا الموت لماتوا ورأوا مقامهم من النار " وقيل : إن الله صرفهم عن إظهار التمني ، وقصرهم على الإمساك ليجعل ذلك آية لنبيّه صلى الله عليه وسلم فهذه ثلاثة أوجه في تركهم التمنّي . وحكى عِكرمة عن ٱبن عباس في قوله : { فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ } أن المراد ٱدعوا بالموت على أكذب الفريقين منا ومنكم فما دعوا لعلمهم بكذبهم . فإن قيل : فالتّمني يكون باللسان تارةً وبالقلب أخرى فمن أين عُلم أنهم لم يتمنّوه بقلوبهم ؟ قيل له : نطق القرآن بذلك بقوله : { وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً } ولو تمنّوْه بقلوبهم لأظهروه بألسنتهم ردّاً على النبي صلى الله عليه وسلم وإبطالاً لحجته وهذا بَيِّن . قوله تعالى : { خَالِصَةً } نصب على خبر كان ، وإن شئت كان حالاً ، ويكون « عند الله » في موضع الخبر . { أَبَداً } ظرف زمان يقع على القليل والكثير كالحين والوقت ، وهو هنا من أوّل العمر إلى الموت . و « ما » في قوله « بما » بمعنى الذي والعائد محذوف والتقدير قدّمته ، وتكون مصدرية ولا تحتاج إلى عائد . و « أيديهم » في موضع رفع ، حُذفت الضمة من الياء لثقلها مع الكسرة وإن كانت في موضع نصب حرّكتها لأن النصب خفيف ، ويجوز إسكانها في الشعر . { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمينَ } ٱبتداء وخبر .