Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 37-40)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ } أي رُكِّب على العَجَلة فخلق عَجُولاً كما قال الله تعالى : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ } [ الروم : 54 ] أي خلق الإنسان ضعيفاً . ويقال : خلق الإنسان من الشر أي شريراً إذا بالغت في وصفه به . ويقال : إنما أنت ذهاب ومجيء . أي ذاهب جائي . أي طبع الإنسان العجلة ، فيستعجل كثيراً من الأشياء وإن كانت مضرة . ثم قيل : المراد بالإنسان آدم عليه السلام . قال سعيد بن جبير والسدي : لما دخل الروح في عيني آدم عليه السلام نظر في ثمار الجنة ، فلما دخل جوفه اشتهى الطعام ، فوثب من قبل أن تبلغ الروح رجليه عجلان إلى ثمار الجنة . فذلك قوله : { خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ } . وقيل : خلق آدم يوم الجمعة في آخر النهار ، فلما أحيا الله رأسه استعجل ، وطلب تتميم نفخ الروح فيه قبل غروب الشمس قاله الكلبي ومجاهد وغيرهما . وقال أبو عبيدة وكثير من أهل المعاني : العَجَل الطين بلغة حِميْر . وأنشدوا : @ والنخـلُ يَنـبـتُ بيـن المـاءِ والعَـجَـلِ @@ وقيل : المراد بالإنسان الناس كلهم . وقيل المراد : النضر بن الحرث بن علقمة بن كلدة بن عبد الدار في تفسير ابن عباس أي لا ينبغي لمن خلق من الطين الحقير أن يستهزىء بآيات الله ورسله . وقيل : إنه من المقلوب أي خلق العجل من الإنسان . وهو مذهب أبي عبيدة . النحاس : وهذا القول لا ينبغي أن يجاب به في كتاب الله لأن القلب إنما يقع في الشعر اضطرارا كما قال : @ كان الزِّناءُ فَرِيضةَ الرَّجْمِ @@ ونظيره هذه الآية : « وَكَانَ الإنْسَانُ عَجُولاً » وقد مضى في « سبحان » . { سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } هذا يقوي القول الأول ، وأن طبع الإنسان العَجَلة ، وأنه خلق خلقاً لا يتمالك ، كما قال عليه السلام ، حسب ما تقدم في « سبحان » . والمراد بالآيات ما دل على صدق محمد عليه السلام من المعجزات ، وما جعله له من العاقبة المحمودة . وقيل : ما طلبوه من العذاب فأرادوا الاستعجال وقالوا : { مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } ؟ وما علموا أن لكل شيء أجلاً مضروباً . نزلت في النضر بن الحرث . وقوله : { إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ } [ الأنفال : 32 ] . وقال الأخفش سعيد : معنى { خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ } أي قيل له كن فكان ، فمعنى { فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } على هذا القول أنه من يقول للشيء كن فيكون ، لا يعجزه إظهار ما استعجلوه من الآيات . { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } أي الموعود ، كما يقال : الله رجاؤنا أي مرجوّنا . وقيل : معنى « الوعد » هنا الوعيد ، أي الذي يعدنا من العذاب . وقيل : القيامة . { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } يا معشر المؤمنين . قوله تعالى : { لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } العلم هنا بمعنى المعرفة فلا يقتضي مفعولاً ثانياً مثل { لاَ تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ } [ الأنفال : 60 ] . وجواب « لو » محذوف ، أي لو علموا الوقت الذي { لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } وعرفوه لما استعجلوا الوعيد . وقال الزجاج : أي لعلموا صدق الوعد . وقيل : المعنى لو علموه لما أقاموا على الكفر ولآمنوا . وقال الكسائي : هو تنبيه على تحقيق وقوع الساعة ، أي لو علموه علم يقين لعلموا أن الساعة آتية . ودل عليه { بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً } أي فجأة يعني القيامة . وقيل : العقوبة . وقيل : النار فلا يتمكنون من حيلة { فَتَبْهَتُهُمْ } . قال الجوهري : بَهَته بَهْتاً أخذه بغتة ، قال الله تعالى : { بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ } . وقال الفراء : « فتبهتهم » أي تحيرهم ، يقال : بهته يبهته إذا واجهه بشيء يحيره . وقيل : فتفجأهم . { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا } أي صرفها عن ظهورهم . { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } أي لا يمهلون ويؤخرون لتوبة واعتذار .