Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 80-80)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه ثلاث مسائل : الأولى : قوله تعالى : { وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ } يعني اتخاذ الدروع بإلانة الحديد له ، واللبوس عند العرب السلاح كله درعاً كان أو جَوْشناً أو سيفاً أو رمحاً . قال الهُذَلي يصف رمحاً : @ ومَعِي لَبُوسٌ لِلْبَئيسِ كأَنَّهُ رَوْقٌ بجبهة ذِي نِعَاجٍ مُجْفِلِ @@ واللبوس كل ما يلبس ، وأنشد ابن السكيت : @ الْبَسْ لكلِّ حالةٍ لَبُوسَهَا إمّا نَعيمَهَا وإمّا بُوسَهَا @@ وأراد الله تعالى هنا الدّرع ، وهو بمعنى الملبوس نحو الرّكوب والحلوب . قال قتادة : أوّل من صنع الدروع داود . وإنما كانت صفائح ، فهو أوّل من سردها وحلقها . الثانية : قوله تعالى : { لِتُحْصِنَكُمْ } ليحرزكم . { مِّن بَأْسِكُمْ } أي من حربكم . وقيل : من السيف والسهم والرمح ، أي من آلة بأسكم فحذف المضاف . ابن عباس : « مِنْ بَأسِكُمْ » من سلاحكم . الضحاك : من حرب أعدائكم . والمعنى واحد . وقرأ الحسن وأبو جعفر وابن عامر وحفص وروح « لِتُحْصِنَكُمْ » بالتاء رداً على الصنعة . وقيل : على اللبوس والمنعة التي هي الدروع . وقرأ شيبة وأبو بكر والمفضل ورويس وابن أبي إسحاق « لِنُحْصِنَكُمْ » بالنون لقوله : « وَعَلَّمْنَاهُ » . وقرأ الباقون بالياء جعلوا الفعل للبوس ، أو يكون المعنى ليحصنكم الله . { فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ } أي على تيسير نعمة الدروع لكم . وقيل : « هَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ » بأن تطيعوا رسولي . الثالثة : هذه الآية أصل في اتخاذ الصنائع والأسباب ، وهو قول أهل العقول والألباب ، لا قول الجهلة الأغبياء القائلين بأن ذلك إنما شرع للضعفاء ، فالسبب سنة الله في خلقه فمن طعن في ذلك فقد طعن في الكتاب والسنة ، ونسب من ذكرنا إلى الضعف وعدم المنة . وقد أخبر الله تعالى عن نبيه داود عليه السلام أنه كان يصنع الدروع ، وكان أيضاً يصنع الخوص ، وكان يأكل من عمل يده ، وكان آدم حراثاً ، ونوح نجاراً ، ولقمان خياطاً ، وطالوت دباغاً . وقيل : سقاء فالصنعة يكفّ بها الإنسان نفسه عن الناس ، ويدفع بها عن نفسه الضرر والباس . وفي الحديث : " إن الله يحب المؤمن المحترف الضعيف المتعفِّف ويبغض السائل الملحِف " وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة « الفرقان » . وقد تقدم في غير ما آية ، وفيه كفاية والحمد لله .