Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 13-13)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ } أي هذا الذي انقلب على وجهه يدعو مَن ضرّه أدنى من نفعه أي في الآخرة لأنه بعبادته دخل النار ، ولم ير منه نفعاً أصلاً ، ولكنه قال : ضره أقرب من نفعه ترفيعاً للكلام كقوله تعالى : { وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ سبأ : 24 ] . وقيل : يعبدونهم تَوَهُّمَ أنهم يشفعون لهم غداً كما قال الله تعالى : { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ } [ يونس : 18 ] . وقال تعالى : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ } [ الزمر : 3 ] . وقال الفرّاء والكسائي والزجاج : معنى الكلام القسم والتأخير أي يدعو واللَّهِ لمن ضره أقرب من نفعه . فاللام مقدّمة في غير موضعها . و « مَن » في موضع نصب بـ « ـيدعو » واللام جواب القَسَم . و « ضَرُّه » مبتدأ . و « أقْرَبُ » خبره . وضعّف النحاس تأخير اللام وقال : وليس لِلاّم من التصرّف ما يوجب أن يكون فيها تقديم ولا تأخير . قلت : حق اللام التقديم وقد تؤخّر قال الشاعر : @ خالِي لأنت ومَن جَرِيرٌ خالُه ينلِ العَلاَء ويُكرِم الأخوالا @@ أي لخالي أنت وقد تقدم . النحاس : وحكى لنا عليّ بن سليمان عن محمد بن يزيد قال : في الكلام حذف والمعنى يدعو لمن ضره أقرب من نفعه إلٰهاً . قال النحاس : وأحسِب هذا القول غلطاً على محمد بن يزيد لأنه لا معنى له ، لأن ما بعد اللام مبتدأ فلا يجوز نصب إلٰه ، وما أحسِب مذهب محمد بن يزيد إلا قول الأخفش ، وهو أحسن ما قيل في الآية عندي ، والله أعلم ، قال : « يدعو » بمعنى يقول . و « من » مبتدأ خبره محذوف ، والمعنى يقول لمن ضره أقرب من نفعه إلٰهُه . قلت : وذكر هذا القول القشيريّ رحمه الله عن الزجاج والمهدوِيّ عن الأخفش ، وكمّل إعرابه فقال : « يدعو » بمعنى يقول ، و « من » مبتدأ ، و « ضره » مبتدأ ثانٍ ، و « أقرب » خبره ، والجملة صلة « مَن » ، وخبر « مَن » محذوف ، والتقدير يقول لمن ضره أقرب من نفعه إلهه ومثله قول عنترة : @ يدعون عَنْتَرُ والرّماحُ كأنها أشْطَانُ بئر في لَبان الأدْهَمِ @@ قال القشيري : والكافر الذي يقول الصنم معبودي لا يقول ضَرُّه أقربُ من نفعه ولكن المعنى يقول الكافر لمن ضره أقرب من نفعه في قول المسلمين معبودي وإلٰهي . وهو كقوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّك } [ الزخرف : 49 ] أي يا أيها الساحر عند أولئك الذين يدعونك ساحراً . وقال الزجاج : يجوز أن يكون « يدعو » في موضع الحال ، وفيه هاء محذوفة أي ذلك هو الضلال البعيد يدعوه ، أي في حال دعائه إياه ففي « يدعو » هاء مضمرة ، ويوقف على هذا على « يدعو » . وقوله : « لَمَنْ ضَرُّهُ أقربُ مِن نفعِهِ » كلام مستأنف مرفوع بالابتداء ، وخبره « لَبِئْسَ الْمَوْلَى » ، وهذا لأن اللام لليَمين والتوكيد فجعلها أوّل الكلام . قال الزجاج : ويجوز أن يكون « ذلك » بمعنى الذي ، ويكون في محل النصب بوقوع « يدعو » عليه أي الذي هو في الضلال البعيد يدعو كما قال : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } [ طه : 17 ] أي ما الذي . ثم قوله : « لَمَنْ ضَرُّه » كلام مبتدأ ، و « لَبِئْسَ الْمَوْلَى » خبر المبتدأ وتقدير الآية على هذا : يدعو الذي هو الضلال البعيد قدّم المفعول وهو الذي كما تقول : زيداً يضرب واستحسنه أبو عليّ . وزعم الزجاج أن النحويين أغفلوا هذا القول وأنشد : @ عَدَسْ ما لعبّادٍ عليك إمارةٌ نَجَوْتِ وهذا تَحْمِلِين طَلِيق @@ أي والذي . وقال الزجاج أيضاً والفَرّاء : يجوز أن يكون « يدعو » مكررّة على ما قبلها ، على جهة تكثير هذا الفعل الذي هو الدعاء ، ولا تُعدّيه إذ قد عدّيته أوّلاً أي يدعو من دون الله ما لا ينفعه ولا يضره يدعو مثل ضربت زيداً ضربت ، ثم حذفت يدعو الآخرة اكتفاء بالأولى . قال الفرّاء : يجوز « لِمَنْ ضَرُّهُ » بكسر اللام أي يدعو إلى مَن ضره أقرب من نفعه ، قال الله عز وجل : { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } [ الزلزلة : 5 ] أي إليها . وقال الفراء أيضاً والقَفّال : اللام صلة أي يدعو من ضره أقرب من نفعه أي يعبده . وكذلك هو في قراءة عبد الله بن مسعود . { لَبِئْسَ ٱلْمَوْلَىٰ } أي في التناصر { وَلَبِئْسَ ٱلْعَشِيرُ } أي المعاشر والصاحب والخليل . مجاهد : يعني الوثن .