Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 2-2)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يَوْمَ تَرَوْنَهَا } الهاء في { تَرَوْنَهَا } عائدة عند الجمهور على الزلزلة ويقوّي هذا قولُه عز وجل : { تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا } . والرضاع والحمل إنما هو في الدنيا . وقالت فرقة : الزلزلة في يوم القيامة واحتجوا بحديث عِمران بن حُصين الذي ذكرناه ، وفيه : « أتدرون أيّ يوم ذلك … » الحديث . وهو الذي يقتضيه سياق مُسْلم في حديث أبي سعيد الخُدْريّ . قوله : { تَذْهَلُ } أي تشتغل قاله قُطْرُب . وأنشد : @ ضَرْباً يُزيل الهام عن مَقِيلهِ ويُذهِل الخَليلَ عن خَليلهِ @@ وقيل : تنسى . وقيل تلهو . وقيل تسلو والمعنى متقارب . { عَمَّآ أَرْضَعَتْ } قال المبرّد : « ما » بمعنى المصدر أي تذهل عن الإرضاع . قال : وهذا يدل على أن هذه الزلزلة في الدنيا إذ ليس بعد البعث حَمْل وإرضاع . إلا أن يقال : من ماتت حاملاً تُبعث حاملاً فتضع حملها للهَوْل . ومن ماتت مُرضعة بُعثت كذلك . ويقال : هذا كما قال الله عز وجل : { يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً } [ المزمل : 17 ] . وقيل : تكون مع النفخة الأولى . وقيل : تكون مع قيام الساعة ، حتى يتحرّك الناس من قبورهم في النفخة الثانية . ويحتمل أن تكون الزلزلة في الآية عبارةً عن أهوال يوم القيامة كما قال تعالى : { مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ } [ البقرة : 214 ] وكما قال عليه السلام : " اللهم اهزمهم وزلزلهم " وفائدة ذكر هَوْل ذلك اليوم التحريضُ على التأهب له والاستعداد بالعمل الصالح . وتسمية الزلزلة بـ « ـشيء » إما لأنها حاصلة متيقَّن وقوعها ، فيستسهل لذلك أن تسمَّى شيئاً وهي معدومة إذ اليقين يشبه الموجودات . وإما على المآل أي هي إذا وقعت شيء عظيم . وكأنه لم يطلق الاسم الآن ، بل المعنى أنها إذا كانت فهي إذاً شيء عظيم ، ولذلك تذهل المراضع وتسكر الناس كما قال : { وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ } أي من هولها ومما يدركهم من الخوف والفزع . { وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ } من الخمر . وقال أهل المعاني : وترى الناس كأنهم سكارى . يدلّ عليه قراءة أبي زُرْعة هَرِم بن عمرو بن جرير بن عبد الله « وتُرَى الناس » بضم التاء أي تظن ويخيّل إليك . وقرأ حمزة والكسائِيّ « سَكْرَى » بغير ألف . الباقون « سُكارى » وهما لغتان لجمع سكران مثلُ كَسْلى وكُسَالى . والزلزلة : التحريك العنيف . والذهول : الغفلة عن الشيء بطروء ما يشغَل عنه من همّ أو وجع أو غيره . قال ابن زيد : المعنى تترك ولدها للكرب الذي نزل بها .