Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 30-31)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فيه ثماني مسائل : الأولى : قوله تعالى : { ذٰلِكَ } يحتمل أن يكون في موضع رفع بتقدير : فرضُكم ذلك ، أو الواجب ذلك . ويحتمل أن يكون في موضع نصب بتقدير : امتثلوا ذلك ونحو هذه الإشارة البليغة قول زهير : @ هذا وليس كمن يَعْيَا بخُطّته وسْطَ النَّدِيّ إذا ما قائل نطقا @@ والحرمات المقصودة هنا هي أفعال الحج المشار إليها في قوله : { ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ } ، ويدخل في ذلك تعظيم المواضع قاله ابن زيد وغيره . ويجمع ذلك أن تقول : الحرمات امتثال الأمر في فرائضه وسننه . وقوله : { فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ } أي التعظيم خير له عند ربه من التهاون بشيء منها . وقيل : ذلك التعظيم خير من خيراته يُنتفع به ، وليست للتفضيل وإنما هي عِدَة بخير . الثانية : قوله تعالى : { وَأُحِلَّتْ لَكُمُ ٱلأَنْعَامُ } أن تأكلوها وهي الإبل والبقر والغنم . { إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } أي في الكتاب من المحرمات وهي المَيْتة والمَوْقُوذة وأخواتها . ولهذا اتصال بأمر الحج فإن في الحج الذبح ، فبيّن ما يحلّ ذبحه وأكل لحمه . وقيل : { إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } غيرَ مُحِلِّي الصيد وأنتم حرم . الثالثة : قوله تعالى : { فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ } الرجس : الشيء القذِر . والوَثَن : التمثال من خشب أو حديد أو ذهب أو فضة ونحوها ، وكانت العرب تنصِبها وتعبدها . والنصارى تنصِب الصليب وتعبده وتعظمه فهو كالتمثال أيضاً . وقال عَدِيّ بن حاتم : أتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال : " ألْقِ هذا الوثن عنك " أي الصليب وأصله من وَثَن الشيء أي أقام في مقامه . وسمي الصنم وَثَناً لأنه ينصب ويركز في مكان فلا يبرح عنه . يريد اجتنبوا عبادة الأوثان روي عن ابن عباس وابن جُريج . وسماها رجساً لأنها سبب الرجز وهو العذاب . وقيل : وصفها بالرجس ، والرجس النجس فهي نجسة حكماً . وليست النجاسة وصفاً ذاتياً للأعيان وإنما هي وصف شرعيّ من أحكام الإيمان ، فلا تُزال إلا بالإيمان كما لا تجوز الطهارة إلا بالماء . الرابعة : { مِن } في قوله : { مِنَ ٱلأَوْثَانِ } قيل : إنها لبيان الجنس ، فيقع نهيه عن رجس الأوثان فقط ، ويبقى سائر الأرجاس نهيها في غير هذا الموضع . ويحتمل أن تكون لابتداء الغاية فكأنهم نهاهم عن الرجس عاماً ثم عيّن لهم مبدأه الذي منه يلحقهم إذ عبادة الوثن جامعة لكل فساد ورجس . ومن قال إن « مِن » للتبعيض ، قلب معنى الآية وأفسده . الخامسة : قوله تعالى : { وَٱجْتَنِبُواْ قَوْلَ ٱلزُّورِ } والزور : الباطل والكذب . وسمي زوراً لأنه أميل عن الحق ومنه { تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ } ، ومدينةٌ زوراء أي مائلة . وكل ما عدا الحق فهو كذب وباطل وزُور . وفي الخبر أنه عليه السلام قام خطيباً فقال : " عَدَلت شهادةُ الزور الشّركَ بالله "