Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 58-59)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أفرد ذكر المهاجرين الذين ماتوا وقُتلوا تفضيلاً لهم وتشريفاً على سائر الموتى . وسبب نزول هذه الآية أنه لما مات بالمدينة عثمان بن مَظْعُون وأبو سلمة بن عبد الأسد قال بعض الناس : من قُتل في سبيل الله أفضلُ ممن مات حَتْف أنفه فنزلت هذه الآية مُسَوِّيةً بينهم ، وأن الله يرزق جميعهم رزقاً حسناً . وظاهر الشريعة يدل على أن المقتول أفضل . وقد قال بعض أهل العلم : إن المقتول في سبيل الله والميتَ في سبيل الله شهيد ولكن للمقتول مَزِيّة ما أصابه في ذات الله . وقال بعضهم : هما سواء واحتج بالآية ، وبقوله تعالى : { وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ ٱللَّهِ } [ النساء : 100 ] ، وبحديث أمّ حَرام فإنها صُرعت عن دابتها فماتت ولم تُقتل فقال لها النبيّ صلى الله عليه وسلم : " أنت من الأوّلين " ، وبقول النبيّ صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عَتيك : " من خرج من بيته مهاجراً في سبيل الله فخرّ عن دابته فمات أو لدغته حية فمات أو مات حَتْفَ أنفه فقد وقع أجره على الله ومن مات قَعْصاً فقد استوجب المآب " وذكر ابن المبارك عن فضالة بن عبيد في حديث ذكر فيه رجلين أحدهما أصيب في غَزاة بِمَنْجَنيق فمات والآخر مات هناك فجلس فضالة عند الميت فقيل له : تركت الشهيد ولم تجلس عنده ؟ فقال : ما أبالي من أيّ حفرتيهما بُعثت ثم تلا قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوۤاْ أَوْ مَاتُواْ } الآية كلها . وقال سليمان بن عامر : كان فضالة برُودس أميراً على الأرباع فخُرِج بجنازتي رجلين أحدهما قتيل والآخر متوَفّى فرأى ميل الناس مع جنازة القتيل إلى حفرته فقال : أراكم أيها الناس تميلون مع القتيل ! فوالذي نفسي بيده ما أبالي من أيّ حفرتيهما بُعثت ، اِقرءوا قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوۤاْ أَوْ مَاتُواْ } . كذا ذكره الثعلبي في تفسيره ، وهو معنى ما ذكره ابن المبارك . واحتج من قال : إن للمقتول زيادةَ فضل بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنه سئل : أيّ الجهاد أفضل ؟ قال : « من أُهْرِيق دمُه وعُقر جوادُه » " وإذا كان من أهريق دمه وعُقر جواده أفضلَ الشهداء عُلم أنه من لم يكن بتلك الصفة مفضول . قرأ ابن عامر وأهل الشام « قُتّلوا » بالتشديد على التكثير . الباقون بالتخفيف . { لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ } أي الجِنان . قراءة أهل المدينة « مَدخلا » بفتح الميم أي دخولاً . وضمها الباقون ، وقد مضى في « سبحان » . { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ } قال ابن عباس : عليم بنياتهم ، حليم عن عقابهم .