Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 109-111)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا } الآية . قال مجاهد : هم بِلال وخَبّاب وصُهَيب ، وفلان وفلان من ضعفاء المسلمين كان أبو جهل وأصحابه يهزؤون بهم . { فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سُخْرِيّاً } بالضم قراءة نافع وحمزة والكسائي هاهنا وفي « صۤ » . وكسر الباقون . قال النحاس : وفرّق أبو عمرو بينهما ، فجعل المكسورة من جهة التهزّؤ ، والمضمومة من جهة السُّخْرة ، ولا يَعرف هذا التفريق الخليلُ ولا سيبويه ولا الكسائيّ ولا الفرّاء . قال الكسائيّ : هما لغتان بمعنًى واحد كما يقال : عُصِيّ وعِصِيّ ، ولُجِيّ ولِجِيّ . وحكى الثّعلبِيّ عن الكسائيّ والفرّاء الفرقَ الذي ذكره أبو عمرو ، وأن الكسر بمعنى الاستهزاء والسخرية بالقول ، والضَّمّ بمعنى التسخير والاستعباد بالفعل . وقال المبرد : إنما يؤخذ التفريق بين المعاني عن العرب ، وأما التأويل فلا يكون . والكسر في سخريّ في المعنيين جميعاً لأن الضمة تستثقل في مثل هذا . { حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي } أي حتى اشتغلتم بالاستهزاء بهم عن ذكري . { وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ } استهزاء بهم ، وأضاف الإنْساء إلى المؤمنين لأنهم كانوا سبباً لاشتغالهم عن ذكره وتعدّى شؤم استهزائهم بالمؤمنين إلى استيلاء الكفر على قلوبهم . { إِنِّي جَزَيْتُهُمُ ٱلْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوۤاْ } على أذاكم ، وصبروا على طاعتي . { أَنَّهُمْ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ } قرأ حمزة والكسائيّ بكسر الهمزة على ابتداء المدح من الله تعالى لهم ، وفتح الباقون أي لأنهم هم الفائزون . ويجوز نصبه بوقوع الجزاء عليه ، تقديره : إني جزيتهم اليوم الفوز بالجنة . قلت : وينظر إلى معنى هذا قوله تعالى في آخر المُطَفِّفِين : { فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ } [ المطففين : 34 ] إلى آخر السورة ، على ما يأتي بيانه هناك إن شاء الله تعالى . ويستفاد من هذا : التحذيرُ من السّخريّة والاستهزاء بالضعفاء والمساكين والاحتقار لهم ، والإزراء عليهم والاشتغال بهم فيما لا يعني ، وأن ذلك مُبْعِد من الله عز وجل .