Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 99-100)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ } عاد الكلام إلى ذكر المشركين أي قالوا : « أئذا متنا إلى قوله إنْ هذا إلا أساطير الأوّلين » . ثم احتج عليهم وذكّرهم قدرته على كل شيء ، ثم قال هم مصرّون على ذلك حتى إذا جاء أحدهم الموت تيقَّن ضلالته وعاين الملائكة التي تقبض روحه كما قال تعالى : { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمَلاۤئِكَةُ } [ الأنفال : 50 ] . { قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ } تمنّى الرجعة كي يعمل صالحاً فيما ترك . وقد يكون القول في النفس قال الله عز وجل : { وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ } [ المجادلة : 8 ] . فأما قوله « ارْجِعُونِ » وهو مخاطب ربّه عز وجل ولم يقل « ارجعني » جاء على تعظيم الذكر للمخاطب . وقيل : استغاثوا بالله عز وجل أوّلاً ، فقال قائلهم : ربّ ، ثم رجع إلى مخاطبة الملائكة فقال : ارجعون إلى الدنيا قاله ابن جُريج . وقيل : إن معنى « ارجعون » على جهة التكرير أي ارجعني ارجعني ارجعني وهكذا . قال المُزَنِيّ في قوله تعالى : { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ } [ قۤ : 24 ] قال : معناه ألْقِ ألْقِ . قال الضحاك : المراد به أَهل الشرك . قلت : ليس سؤال الرجعة مختصاً بالكافر فقد يسألها المؤمن كما في آخر سورة المنافقين على ما يأتي . ودلّت الآية على أن أحداً لا يموت حتى يعرف اضطراراً أهو من أولياء الله أم من أعداء الله ، ولولا ذلك لما سأل الرجعة ، فيعلموا ذلك قبل نزول الموت وذواقه . { لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً } قال ابن عباس : يريد أشهد أن لا إلٰه إلا الله . { فِيمَا تَرَكْتُ } أي فيما ضيّعت وتركت العمل به من الطاعات . وقيل : « فيما تركت » من المال فأتصدق . و « لعلّ » تتضمن تردداً وهذا الذي يسأل الرجعة قد استيقن العذاب ، وهو يوطّن نفسه على العمل الصالح قطعاً من غير تردد . فالتردد يرجع إما إلى رده إلى الدنيا ، وإما إلى التوفيق أي أعمل صالحاً إن وفقتني إذ ليس على قطع من وجود القدرة والتوفيق لو رُدّ إلى الدنيا . { كَلاَّ } هذه كلمة رَدّ أي ليس الأمر على ما يظنه من أنه يجاب إلى الرجوع إلى الدنيا ، بل هو كلام يطيح في أدراج الريح . وقيل : لو أجيب إلى ما يطلب لما وَفَّى بما يقول : كما قال : { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } [ الأنعام : 28 ] . وقيل : { كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا } ترجع إلى الله تعالى أي لا خلف في خبره ، وقد أخبر أنه لن يؤخر نفساً إذا جاء أجلها ، وأخبر بأن هذا الكافر لا يؤمن . وقيل : « إنها كلمة هو قائلها » عند الموت ، ولكن لا تنفع . { وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ } أي ومن أمامهم وبين أيديهم . وقيل : من خلفهم . « بَرْزَخٌ » أي حاجز بين الموت والبعث قاله الضحاك ومجاهد وابن زيد . وعن مجاهد أيضاً أن البرزخ هو الحاجز بين الموت والرجوع إلى الدنيا . وعن الضحاك : هو ما بين الدنيا والآخرة . ابن عباس : حجاب . السدي : أجل . قتادة : بقية الدنيا . وقيل : الإمهال إلى يوم القيامة حكاه ابن عيسى . الكلبي : هو الأجل ما بين النفختين ، وبينهما أربعون سنة . وهذه الأقوال متقاربة . وكلُّ حاجزٍ بين شيئين فهو بَرْزَخ . قال الجوهري : البرزخ الحاجز بين الشيئين . والبرزخ ما بين الدنيا والآخرة من وقت الموت إلى البعث فمن مات فقد دخل في البرزخ . وقال رجل بحضرة الشَّعْبِيّ : رحم الله فلاناً فقد صار من أهل الآخرة ! فقال : لم يَصِر من أهل الآخرة ، ولكنه صار من أهل البرزخ ، وليس من الدنيا ولا من الآخرة . وأضيف « يوم » إلى « يبعثون » لأنه ظرف زمان ، والمراد بالإضافة المصدر .