Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 6-10)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه ثلاثون مسألة : الأولى : قوله تعالى : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ } « أنفسُهم » بالرفع على البدل . ويجوز النصب على الاستثناء ، وعلى خبر « يكن » . { فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ } بالرفع قراءة الكوفيين على الابتداء والخبر أي فشهادة أحدهم التي تزيل عنه حدّ القذف أربع شهادات . وقرأ أهل المدينة وأبو عمرو « أربعَ » بالنصب لأن معنى « فشهادةُ » أن يشهد والتقدير : فعليهم أن يشهد أحدهم أربعَ شهادات ، أو فالأمر أن يشهد أحدهم أربع شهادات ولا خلاف في الثاني أنه منصوب بالشهادة . { وَٱلْخَامِسَةُ } رفع بالابتداء . والخبر « أنّ » وصلتها ومعنى المخففة كمعنى المثقلة لأن معناها أنه . وقرأ أبو عبد الرحمن وطلحة وعاصم في رواية حفص « والخامِسةَ » بالنصب ، بمعنى وتشهد الشهادة الخامسة . الباقون بالرفع على الابتداء ، والخبر في « أنّ لعنَة اللَّهِ عليهِ » أي والشهادة الخامسة قوله : لعنة الله عليه . الثانية : في سبب نزولها ، وهو ما رواه أبو داود عن ابن عباس " أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبيّ صلى الله عليه وسلم بشَرِيك بن سَحْماء فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : « البَيّنَة أو حدٌّ في ظهرك » قال : يا رسول الله ، إذا رأى أحدنا رجلاً على امرأته يلتمس البينة ! فجعل النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول : « البينةَ وإلا حَدٌّ في ظهرك » فقال هلال : والذي بعثك بالحق إني لصادق ، ولَيُنْزِلنّ الله في أمري ما يبرىء ظهري من الحدّ فنزلت { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ } فقرأ حتى بلغ « مِن الصادِقِين » " الحديث بكماله . وقيل : لما نزلت الآية المتقدمة في الذين يرمون المحصنات وتناول ظاهرها الأزواجَ وغيرَهم " قال سعد بن معاذ : يا رسول الله ، إن وجدت مع امرأتي رجلاً أمهله حتى آتي بأربعة ! والله لأضربنّه بالسيف غير مُصْفح عنه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أتعجبون من غَيْرة سعدٍ لأنا أغْيَرُ منه واللَّهُ أغْيَرُ مني » " وفي ألفاظ سعد روايات مختلفة ، هذا نحو معناها . ثم جاء من بعد ذلك هلال بن أمية الواقفي فرمى زوجته بِشَريك بن سَحْماء البَلَوِي على ما ذكرنا ، وعزم النبيّ صلى الله عليه وسلم على ضربه حدّ القذف فنزلت هذه الآية عند ذلك ، فجمعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وتلاعنا ، فتلكّأت المرأة عند الخامسة لمّا وُعِظت وقيل إنها موجِبة ثم قالت : لا أفضح قومي سائر اليوم فالْتَعَنَت ، وفرّق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ، وولدت غلاماً كأنه جَمَلٌ أوْرَق على النعت المكروه ثم كان الغلام بعد ذلك أميراً بمصر ، وهو لا يعرف لنفسه أباً . وجاء أيضاً عُوَيْمِر العَجْلانيّ فرمى امرأته ولاعن . والمشهور أن نازلة هلال كانت قبلُ ، وأنها سبب الآية . وقيل : نازلة عُويمر بن أشقر كانت قبلُ وهو حديث صحيح مشهور خرّجه الأئمة . قال أبو عبد الله بن أبي صُفْرة : الصحيح أن القاذف لزوجه عُويمر ، وهلال بن أمية خطأ . قال الطبريّ يستنكر قوله في الحديث هلال بن أمية : وإنما القاذف عويمر بن زيد بن الجَدّ بن العَجْلاني ، شهد أُحُداً مع النبيّ صلى الله عليه وسلم ، رماها بِشَرِيك بن السَّحْماء ، والسَّحماء أمه قيل لها ذلك لسوادها ، وهو ابن عبدة بن الجدّ بن العَجْلاني كذلك كان يقول أهل الأخبار . وقيل : " قرأ النبيّ صلى الله عليه وسلم على الناس في الخطبة يوم الجمعة { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ } فقال عاصم بن عَدِيّ الأنصاري : جعلني الله فداك ! لو أن رجلاً منّا وجد على بطن امرأته رجلاً فتكلم فأخبر بما جرى جُلد ثمانين ، وسماه المسلمون فاسقاً فلا تقبل شهادته فكيف لأحدنا عند ذلك بأربعة شهداء ، وإلى أن يلتمس أربعة شهود فقد فرغ الرجل من حاجته ! فقال عليه السلام : « كذلك أنزلت يا عاصم بن عَدِيّ » " فخرج عاصم سامعاً مطيعاً فاستقبله هلال بن أمية يسترجع فقال : ما وراءك ؟ فقال : شر ! وجدت شريك بن السحماء على بطن امرأتي خَولة يزني بها وخولة هذه بنت عاصم بن عديّ ، كذا في هذا الطريق أن الذي وجد مع امرأته شريكاً هو هلال بن أمية ، والصحيح خلافه حسبما تقدم بيانه . قال الكلبي : والأظهر أن الذي وجد مع امرأته شريكاً عُوَيمرٌ العَجْلاني لكثرة ما روي أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لاعن بين العَجْلاني وامرأته . واتفقوا على أن هذا الزاني هو شريك بن عبدة وأمه السحماء ، وكان عُويمر وخولةُ بنت قيس وشَرِيك بني عم عاصم ، وكانت هذه القصة في شعبان سنة تسع من الهجرة ، منصرَف رسول الله صلى الله عليه وسلم من تَبُوك إلى المدينة قاله الطبري . وروى الدَّارَقُطْنِيّ " عن عبد الله بن جعفر قال : حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين لاعن بين عُويمر العجلاني وامرأته ، مرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غَزْوة تَبُوك ، وأنكر حملها الذي في بطنها وقال هو لابن السَّحْماء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هاتِ امرأتك فقد نزل القرآن فيكما » فلاعن بينهما بعدالعصر عند المنبر على خَمْل " في طريقه الواقدي عن الضحاك بن عثمان عن عمران بن أبي أنس قال : سمعت عبد الله بن جعفر يقول … فذكره . الثالثة : قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ } عامّ في كل رَمْي ، سواء قال : زنيتِ أو يا زانية أو رأيتها تزني ، أو هذا الولد ليس مني فإن الآية مشتملة عليه . ويجب اللّعان إن لم يأت بأربعة شهداء وهذا قول جمهور العلماء وعامّةِ الفقهاء وجماعة أهل الحديث . وقد روي عن مالك مثل ذلك . وكان مالك يقول : لا يلاعن إلا أن يقول : رأيتك تزني أو ينفي حملاً أو ولداً منها . وقول أبي الزِّناد ويحيـى بن سعيد والبَتِّي مثلُ قول مالك : إن الملاعنة لا تجب بالقذف ، وإنما تجب بالرؤية أو نفي الحمل مع دعوى الاستبراء هذا هو المشهور عند مالك ، وقاله ابن القاسم . والصحيح الأوّل لعموم قوله : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ } . قال ابن العربيّ : وظاهر القرآن يكفي لإيجاب اللعان بمجرد القذف من غير رؤية فلتُعَوِّلوا عليه ، لا سيمّا وفي الحديث الصحيح : " أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً ؟ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : « فاذهب فأت بها » " ولم يكلفه ذكر الرؤية . وأجمعوا أن الأعمى يلاعن إذا قذف امرأته . ولو كانت الرؤية من شرط اللعان ما لاعن الأعمى قاله ابو عمر . وقد ذكر ابن القصّار عن مالك أن لعان الأعمى لا يصح إلا أن يقول : لمست فرجه في فرجها . والحجة لمالك ومن اتبعه ما رواه أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء هلال بن أمية وهو أحد الثلاثة الذين تِيب عليهم ، فجاء من أرضه عشاء فوجد عند أهله رجلاً ، فرأى بعينه وسمع بأذنه فلم يَهِجْه حتى أصبح ، ثم غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني جئت أهلي عشاء فوجدت عندهم رجلاً ، فرأيت بعيني وسمعت بأذني فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به واشتدّ عليه فنزلت : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ } الآية وذكر الحديث . وهو نص على أن الملاعنة التي قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كانت في الرؤية ، فلا يجب أن يُتعدَّى ذلك . ومن قذف امرأته ولم يذكر رؤية حدّ لعموم قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ } . الرابعة : إذا نفى الحمل فإنه يلتعن لأنه أقوى من الرؤية ولا بدّ من ذكر عدم الوطء والاستبراء بعده . واختلف علماؤنا في الاستبراء فقال المغيرة ومالك في أحد قوليهما : يجزي في ذلك حَيْضة . وقال مالك أيضاً لا ينفيه إلا بثلاث حِيَض . والصحيح الأوّل لأن براءة الرحم من الشَّغل يقع بها كما في استبراء الأمَة ، وإنما راعَيْنا الثلاث حِيَض في العدد لحكم آخر يأتي بيانه في الطلاق إن شاء الله تعالى . وحكى اللَّخْمِيّ عن مالك أنه قال مرة : لا يُنْفَى الولد بالاستبراء لأن الحيض يأتي على الحمل . وبه قال أشهب في كتاب ابن المَوّاز ، وقاله المغيرة . وقال : لا يُنْفَى الولد إلا بخمس سنين لأنه أكثر مدة الحمل على ما تقدّم . الخامسة : اللعان عندنا يكون في كل زوجين حرّين كانا أو عبدين ، مؤمنَيْن أو كافرين ، فاسقَين أو عَدْلَين . وبه قال الشافعيّ . ولا لعان بين الرجل وأَمَته ، ولا بينه وبين أمّ ولده . وقيل : لا ينتفي ولد الأمة عنه إلا بيمين واحدة بخلاف اللعان . وقد قيل : إنه إذا نفى ولدَ أم الولد لاعن . والأوّل تحصيل مذهب مالك ، وهو الصواب . وقال أبو حنيفة : لا يصح اللعان إلا من زوجين حُرّين مسلمين وذلك لأن اللعان عنده شهادة ، وعندنا وعند الشافعيّ يمين ، فكلّ من صحت يمينه صح قذفه ولعانه . واتفقوا على أنه لا بد أن يكونا مكلَفَيْن . وفي قوله : « وجد مع امرأته رجلاً » . دليل على أن الملاعنة تجب على كل زوجين لأنه لم يخص رجلاً من رجل ولا امرأة من امرأة ، ونزلت آية اللعان على هذا الجواب فقال : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ } ولم يخص زوجاً من زوج . وإلى هذا ذهب مالك وأهل المدينة وهو قول الشافعيّ وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثَوْر . وأيضاً فإن اللعان يوجب فسخ النكاح فأشبه الطلاق فكل من يجوز طلاقه يجوز لعانه . واللعان أيمان لا شهادات قال الله تعالى وهو أصدق القائلين : { لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا } [ المائدة : 107 ] أي أيماننا . وقال تعالى : { إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ } [ المنافقون : 1 ] . ثم قال تعالى : { ٱتَّخَذْوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً } [ المجادلة : 16 ] . وقال عليه السلام : " لولا الأيمان لكان لي ولها شأن " وأما ما احتج به الثورِيّ وأبو حنيفة فهي حجج لا تقوم على ساق منها حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أربعة ليس بينهم لعان ليس بين الحر والأمة لعان وليس بين الحرة والعبد لعان وليس بين المسلم واليهودية لعان وليس بين المسلم والنصرانية لعان " أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ من طرق ضعفها كلَّها . وروي عن الأوزاعي وابن جريج وهما إمامان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قوله ، ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم . واحتجوا من جهة النظر أن الأزواج لما استثنوا من جملة الشهداء بقوله : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ } وجب ألا يلاعن إلا من تجوز شهادته . وأيضاً فلو كانت يميناً ما رُدّدت ، والحكمة في ترديدها قيامها في الأعداد مقام الشهود في الزنى . قلنا : هذا يبطل بيمين القَسَامة فإنها تُكَرّر وليست بشهادة إجماعاً والحكمة في تكرارها التغليظ في الفروج والدماء . قال ابن العربي : والفَيْصل في أنها يمين لا شهادة أن الزوج يحلف لنفسه في إثبات دعواه وتخليصه من العذاب ، وكيف يجوز لأحد أن يدّعي في الشريعة أن شاهداً يشهد لنفسه بما يوجب حكماً على غيره ! هذا بعيد في الأصل معدوم في النظر . السادسة : واختلف العلماء في ملاعنة الأخرس فقال مالك والشافعيّ : يلاعن لأنه ممن يصح طلاقه وظِهاره وإيلاؤه ، إذا فُهم ذلك عنه . وقال أبو حنيفة : لا يلاعن لأنه ليس من أهل الشهادة ، ولأنه قد ينطق بلسانه فينكر اللعان ، فلا يمكننا إقامة الحدّ عليه . وقد تقدم هذا المعنى في سورة « مريم » والدليل عليه ، والحمد لله . السابعة : قال ابن العربي : رأى أبو حنيفة عموم الآية فقال : إن الرجل إذا قذف زوجته بالزنى قبل أن يتزوجها فإنه يلاعن ونسي أن ذلك قد تضمّنه قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ } وهذا رماها محصنة غير زوجة وإنما يكون اللعان في قذف يلحق فيه النسب ، وهذا قذف لا يلحق فيه نسب فلا يوجب لعاناً ، كما لو قذف أجنبية . الثامنة : إذا قذفها بعد الطلاق نظرت فإن كان هنالك نسب يريد أن ينقيه أو حَمْل يتبرأ منه لاعن وإلا لم يلاعن . وقال عثمان البَتِّي : لا يلاعن بحال لأنها ليست بزوجة . وقال أبو حنيفة . لا يلاعن في الوجهين لأنها ليست بزوجة . وهذا ينتقض عليه بالقذف قبل الزوجية كما ذكرناه آنفاً ، بل هذا أولى لأن النكاح قد تقدم وهو يريد الانتفاء من النسب وتبرئته من ولد يُلحق به فلا بُدّ من اللعان . وإذا لم يكن هنالك حمل يرجى ولا نسب يخاف تعلقه لم يكن للعان فائدة فلم يحكم به ، وكان قذفاً مطلقاً داخلاً تحت عموم قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ } الآية ، فوجب عليه الحدّ وبطل ما قاله البَتِّي لظهور فساده . التاسعة : لا ملاعنة بين الرجل وزوجته بعد انقضاء العدّة إلا في مسألة واحدة ، وهي أن يكون الرجل غائباً فتأتي امرأته بولد في مغيبه وهو لا يعلم فيطلّقها فتنقضي عدّتها ، ثم يَقْدَم فينفيه فله أن يلاعنها هاهنا بعد العدّة . وكذلك لو قدم بعد وفاتها ونفى الولد لاعن لنفسه وهي ميتة بعد مدّة من العدّة ، ويرثها لأنها ماتت قبل وقوع الفرقة بينهما . العاشرة : إذا انتفى من الحمل ووقع ذلك بشرطه لاعن قبل الوضع وبه قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : لا يلاعن إلا بعد أن تضع ، لأنه يحتمل أن يكون ريحاً أو داء من الأدواء . ودليلنا النص الصريح بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم لاعن قبل الوضع ، وقال : " إن جاءت به كذا فهو لأبيه وإن جاءت به كذا فهو لفلان " فجاءت به على النعت المكروه . الحادية عشرة : إذا قذف بالوطء في الدبر لزوجه لاعن . وقال أبو حنيفة : لا يلاعن وبناه على أصله في أن اللواط لا يوجب الحدّ . وهذا فاسد لأن الرمي به معرّة وقد دخل تحت عموم قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ } وقد تقدم في « الأعراف ، والمؤمنون » أنه يجب به الحدّ . الثانية عشرة : قال ابن العربي : من غريب أمر هذا الرجل أنه قال إذا قذف زوجته وأمّها بالزنى : إنه إن حدّ للأم سقط حدّ البنت ، وإن لاعن للبنت لم يسقط حدّ الأم وهذا لا وجه له ، وما رأيت لهم فيه شيئاً يُحكى ، وهذا باطل جداً فإنه خص عموم الآية في البنت وهي زوجة بحد الأم من غير أثر ولا أصل قاسه عليه . الثالثة عشرة : إذا قذف زوجته ثم زنت قبل التعانه فلا حدّ ولا لعان . وبهذا قال أبو حنيفة والشافعيّ وأكثر أهل العلم . وقال الثوري والمُزَنِيّ : لا يسقط الحدّ عن القاذف ، وزِنَى المقذوفِ بعد أن قُذف لا يقدح في حصانته المتقدمة ولا يرفعها لأن الاعتبار الحصانةُ والعفة في حال القذف لا بعده . كما لو قذف مسلماً فارتد المقذوف بعد القذف وقبل أن يحدّ القاذف لم يسقط الحدّ عنه . وأيضاً فإن الحدود كلّها معتبرة بوقت الوجوب لا وقت الإقامة . ودليلنا هو أنه قد ظهر قبل استيفاء اللعان والحدّ معنًى لو كان موجوداً في الابتداء منع صحة اللعان ووجوب الحدّ ، فكذلك إذا طرأ في الثاني كما إذا شهد شاهدان ظاهرهما العدالة فلم يحكم الحاكم بشهادتهما حتى ظهر فسقهما بأن زنيا أو شربا خمراً فلم يجز للحاكم أن يحكم بشهادتهما تلك . وأيضاً فإن الحكم بالعفة والإحصان يؤخذ من طريق الظاهر لا من حيث القطع واليقين ، وقد قال عليه السلام : " ظَهْرُ المؤمن حِمًى " فلا يحدّ القاذف إلا بدليل قاطع ، وبالله التوفيق . الرابعة عشرة : من قذف امرأته وهي كبيرة لا تحمل تلاعنا هو لدفع الحدّ ، وهي لدرء العذاب . فإن كانت صغيرة لا تحمل لاعن هو لدفع الحدّ ولم تلاعن هي لأنها لو أقرّت لم يلزمها شيء . وقال ابن الماجِشُون : لا حدّ على قاذف مَن لم تبلغ . قال اللَّخْمِيّ : فعلى هذا لا لعان على زوج الصغيرة التي لا تحمل . الخامسة عشرة : إذا شهد أربعة على امرأة بالزنى أحدهم زوجها فإن الزوج يلاعن وتُحَدّ الشهود الثلاثة وهو أحد قولي الشافعيّ . والقول الثاني أنهم لا يحدّون . وقال أبو حنيفة : إذا شهد الزوج والثلاثة ابتداءً قبلت شهادتهم وحُدّت المرأة . ودليلنا قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ } الآية . فأخبر أن من قذف محصناً ولم يأت بأربعة شهداء حُدّ فظاهره يقتضي أن يأتي بأربعة شهداء سوى الرامي ، والزوج رامٍ لزوجته فخرج عن أن يكون أحد الشهود . والله أعلم . السادسة عشرة : إذا ظهر بامرأته حمل فترك أن ينفِيَه لم يكن له نَفْيه بعد سكوته . وقال شُريح ومجاهد : له أن ينفيه أبداً . وهذا خطأ لأن سكوته بعد العلم به رِضًى به كما لو أقرّ به ثم ينفيه فإنه لا يُقبل منه ، والله أعلم . السابعة عشرة : فإن أخّر ذلك إلى أن وضعت وقال : رجوت أن يكون رِيحاً يَنْفَشّ أو تسقطه فأستريح من القذف فهل لنَفْيِه بعد وضعه مدّة ما فإذا تجاوزها لم يكن له ذلك فقد اختلف في ذلك ، فنحن نقول : إذا لم يكن له عذر في سكوته حتى مضت ثلاثة أيام فهو راضٍ به ليس له نفيه وبهذا قال الشافعي . وقال أيضاً : متى أمكنه نفيه على ما جرت به العادة من تمكنه من الحاكم فلم يفعل لم يكن له نفيه من بعد ذلك . وقال أبو حنيفة : لا أعتبر مدّة . وقال أبو يوسف ومحمد : يعتبر فيه أربعون يوماً ، مدّة النفاس . قال ابن القَصّار : والدليل لقولنا هو أن نفي ولده محرّم عليه ، واستلحاق ولد ليس منه محرّم عليه ، فلا بدّ أن يوسّع عليه لكي ينظر فيه ويفكّر ، هل يجوز له نفيه أو لا . وإنما جعلنا الحدّ ثلاثة لأنه أوّل حدّ الكثرة وآخر حدّ القلة ، وقد جعلت ثلاثة أيام يختبر بها حال المُصَرّاة فكذلك ينبغي أن يكون هنا . وأما أبو يوسف ومحمد فليس اعتبارهم بأولى من اعتبار مدّة الولادة والرضاع إذ لا شاهد لهم في الشريعة ، وقد ذكرنا نحن شاهداً في الشريعة من مدّة المُصَرّاة . الثامنة عشرة : قال ابن القصار : إذا قالت امرأة لزوجها أو لأجنبيّ يا زانيه بالهاء وكذلك الأجنبي لأجنبي ، فلست أعرف فيه نصًّا لأصحابنا ، ولكنه عندي يكون قذفاً وعلى قائله الحدّ ، وقد زاد حرفاً وبه قال الشافعيّ ومحمد بن الحسن . وقال أبو حنيفة وأبو يوسف : لا يكون قذفاً ، واتفقوا أنه إذا قال لامرأته يا زان أنه قذف . والدليل على أنه يكون في الرجل قذفاً هو أن الخطاب إذا فهم منه معناه ثبت حكمه ، سواء كان بلفظ أعجمي أو عربي . ألا ترى أنه إذا قال للمرأة زنيتَ بفتح التاء كان قذفاً لأن معناه يفهم منه . ولأبي حنيفة وأبي يوسف أنه لما جاز أن يُخاطَب المؤنث بخطاب المذكر لقوله تعالى : { وَقَالَ نِسْوَةٌ } [ يوسف : 30 ] صلح أن يكون قوله يا زان للمؤنث قذفاً . ولمّا لم يجز أن يؤنث فعل المذكر إذا تقدم عليه لم يكن لخطابه بالمؤنث حكم ، والله أعلم . التاسعة عشرة : يلاعن في النكاح الفاسد زوجتَه لأنها صارت فراشاً ويلحق النسب فيه فجرى اللعان عليه . الموفية عشرين : اختلفوا في الزوج إذا أبى من الالتعان فقال أبو حنيفة : لا حدّ عليه لأن الله تعالى جعل على الأجنبي الحدّ وعلى الزوج اللّعان ، فلما لم ينتقل اللعان إلى الأجنبي لم ينتقل الحدّ إلى الزوج ، ويسجن أبداً حتى يلاعن لأن الحدود لا تؤخر قياساً . وقال مالك والشافعيّ وجمهور الفقهاء : إن لم يلتعن الزوج حدّ لأن اللعان له براءة كالشهود للأجنبيّ ، فإن لم يأت الأجنبي بأربعة شهداء حدّ ، فكذلك الزوج إن لم يلتعن . وفي حديث العَجْلانِيّ مايدل على هذا لقوله : إن سكَتُّ سكتُّ على غيظ وإن قَتلتُ قُتلت وإن نطقْتُ جُلدت . الحادية والعشرون : واختلفوا أيضاً هل للزوج أن يلاعن مع شهوده فقال مالك والشافعيّ : يلاعن كان له شهود أو لم يكن لأن الشهود ليس لهم عمل في غير درء الحدّ ، وأما رفع الفراش ونفي الولد فلا بدّ فيه من اللعان . وقال أبو حنيفة وأصحابه : إنما جعل اللعان للزوج إذا لم يكن له شهود غير نفسه لقوله تعالى : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ } . الثانية والعشرون : البداءة في اللعان بما بدأ الله به ، وهو الزوج وفائدته دَرْء الحدّ عنه ونفي النسب منه لقوله عليه السلام : " البينةَ وإلا حَدٌّ في ظهرك " ولو بُدىء بالمرأة قبله لم يَجْز لأنه عكس ما رتّبه الله تعالى . وقال أبو حنيفة : يجزي . وهذا باطل لأنه خلاف القرآن ، وليس له أصل يرده إليه ولا معنًى يقوَّى به ، بل المعنى لنا لأن المرأة إذا بدأت باللعان فتنفي ما لم يُثبت وهذا لا وجه له . الثالثة والعشرون : وكيفية اللعان أن يقول الحاكم للملاعن : قل أشهد بالله لرأيتها تزني ورأيت فرج الزاني في فرجها كالمِرْود في المكحلة وما وطئتها بعد رؤيتي . وإن شئت قلت : لقد زنت وما وطئتها بعد زناها . يردّد ما شاء من هذين اللفظين أربع مرات ، فإن نَكَل عن هذه الأيمان أو عن شيء منها حُدّ . وإذا نفى حملاً قال : أشهد بالله لقد استبرأتها وما وطئتها بعدُ ، وما هذا الحمل مني ويشير إليه فيحلف بذلك أربع مرات ويقول في كل يمين منها : وإني لمن الصادقين في قولي هذا عليها . ثم يقول في الخامسة « عليّ لعنةُ اللَّهِ إنْ كُنْتُ من الكاذبين » . وإن شاء قال : إن كنت كاذباً فيما ذكرت عنها . فإذا قال ذلك سقط عنه الحدّ وانتفى عنه الولد . فإذا فرغ الرجل من التعانه قامت المرأة بعده فحلفت بالله أربعة أيمان ، تقول فيها : أشهد بالله إنه لكاذب ، أو إنه لمن الكاذبين فيما ادعاه عليّ وذكر عني . وإن كانت حاملاً قالت : وإن حملي هذا منه . ثم تقول في الخامسة : وعليّ غضب الله إن كان صادقاً ، أو إن كان من الصادقين في قوله ذلك . ومَن أوجب اللعان بالقذف يقول في كل شهادة من الأربع : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به فلانة من الزنى . ويقول في الخامسة : عليّ لعنة الله إن كنت كاذباً فيما رميتها به من الزنى . وتقول هي : أشهد بالله إنه لكاذب فيما رماني به من الزنى . وتقول في الخامسة : عليّ غضب الله إن كان صادقاً فيما رماني به من الزنى . وقال الشافعيّ : يقول الملاعن أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجي فلانة بنت فلان ، ويشير إليها إن كانت حاضرة ، يقول ذلك أربع مرات ، ثم يوعظه الإمام ويذكّره الله تعالى ويقول : إني أخاف إن لم تكن صدقت أن تبوء بلعنة الله فإن رآه يريد أن يمضي على ذلك أمر من يضع يده على فيه ، ويقول : إن قولك وعليّ لعنة الله إن كنت من الكاذبين موجِباً فإن أبى تركه يقول ذلك : لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين فيما رميت به فلانة من الزنى . احتج بما رواه أبو داود عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً حيث أمر المتلاعنَيْن أن يضع يده على فيه عند الخامسة يقول : إنها موجِبة . الرابعة والعشرون : اختلف العلماء في حكم من قذف امرأته برجل سمّاه ، هل يحدّ أم لا فقال مالك : عليه اللعان لزوجته ، وحُدّ للمرميّ . وبه قال أبو حنيفة لأنه قاذف لمن لم يكن له ضرورة إلى قذفه . وقال الشافعي لا حدّ عليه لأن الله عز وجل لم يجعل على من رمى زوجته بالزنى إلا حدّاً واحداً بقوله : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ } ، ولم يفرق بين مَن ذكر رجلاً بعينه وبين من لم يذكر وقد رمى العَجْلانِيُّ زوجته بشَريك وكذلك هلال بن أمية فلم يحدّ واحد منهما . قال ابن العربي : وظاهر القرآن لنا لأن الله تعالى وضع الحدّ في قذف الأجنبي والزوجة مطلقَيْن ، ثم خص حدّ الزوجة بالخلاص باللعان وبقي الأجنبيّ على مطلق الآية . وإنما لم يُحَدّ العجلانِيُّ لشريك ولا هلالٌ لأنه لم يطلبه وحدّ القذف لا يقيمه الإمام إلا بعد المطالبة إجماعاً منا ومنه . الخامسة والعشرون : إذا فرغ المتلاعنان من تلاعنهما جميعاً تفرّقا وخرج كل واحد منهما على باب من المسجد الجامع غير الباب الذي يخرج منه صاحبه ، ولو خرجا من باب واحد لم يضر ذلك لعانَهما . ولا خلاف في أنه لا يكون اللعان إلا في مسجد جامع تجمع فيه الجمعة بحضرة السلطان أو من يقوم مقامه من الحكام . وقد استحب جماعة من أهل العلم أن يكون اللعان في الجامع بعد العصر . وتلتعن النصرانية من زوجها المسلم في الموضع الذي تعظّمه من كنيستها بمثل ما تلتعن به المسلمة . السادسة والعشرون : قال مالك وأصحابه : وبتمام اللعان تقع الفرقة بين المتلاعنَيْن ، فلا يجتمعان أبداً ولا يتوارثان ، ولا يحل له مراجعتها أبداً لا قبل زوج ولا بعده وهو قول اللّيث بن سعد وزُفَرَ بن الهُذَيل والأوزاعِيّ . وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن : لا تقع الفرقة بعد فراغهما من اللعان حتى يفرّق الحاكم بينهما وهو قول الثوري لقول ابن عمر : فرّق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المتلاعنَيْن فأضاف الفرقة إليه ، ولقوله عليه السلام : " لا سبيل لك عليها " وقال الشافعيّ : إذا أكمل الزوج الشهادة والالتعان فقد زال فراش امرأته ، الْتَعنت أو لم تلتعن . قال : وأما التعان المرأة فإنما هو لدرء الحدّ عنها لا غير وليس لالتعانها في زوال الفراش معنًى . ولما كان لعان الزوج ينفي الولد ويسقط الحدّ رُفع الفراش . وكان عثمان الْبَتِّي لا يرى التلاعن ينقص شيئاً من عصمة الزوجين حتى يطلّق . وهذا قول لم يتقدمه إليه أحد من الصحابة على أن البَتِّي قد استحب للملاعن أن يطلّق بعد اللعان ، ولم يستحسنه قبل ذلك فدلّ على أن اللعان عنده قد أحدث حكماً . وبقول عثمان قال جابر بن زيد فيما ذكره الطبري ، وحكاه اللَّخْمِيّ عن محمد بن أبي صُفْرة . ومشهور المذهب أن نفس تمام اللعان بينهما فرقة . واحتج أهل هذه المقالة بأنه ليس في كتاب الله تعالى إذا لاعن أو لاعنت يجب وقوع الفرقة ، وبقول عُوَيْمِر : كذبتُ عليها إن أمسكتُها فطلّقها ثلاثاً ، قال : ولم ينكر النبيّ صلى الله عليه وسلم ذلك عليه ولم يقل له لم قلت هذا ، وأنت لا تحتاج إليه لأن باللعان قد طلقت . والحجة لمالك في المشهور ومن وافقه قولُه عليه السلام " لا سبيل لك عليها " وهذا إعلام منه أن تمام اللعان رفع سبيله عليها وليس تفريقه بينهما باستئناف حكم ، وإنما كان تنفيذاً لما أوجب الله تعالى بينهما من المباعدة ، وهو معنى اللعان في اللغة . السابعة والعشرون : ذهب الجمهور من العلماء أن المتلاعنَيْن لا يتناكحان أبداً ، فإن أكذب نفسه جلد الحدّ ولحق به الولد ، ولم ترجع إليه أبداً . وعلى هذا السنةُ التي لا شك فيها ولا اختلاف . وذكر ابن المنذر عن عطاء أن الملاعن إذا أكذب نفسه بعد اللعان لم يحدّ ، وقال : قد تفرقا بلعنة من الله . وقال أبو حنيفة ومحمد : إذا أكذب نفسه جلد الحدّ ولحق به الولد ، وكان خاطباً من الخطاب إن شاء وهو قول سعيد بن المسيب والحسن وسعيد بن جبير وعبد العزيز بن أبي سلمة . وقالوا : يعود النكاح حلالاً كما لحق به الولد لأنه لا فرق بين شيء من ذلك . وحجة الجماعة قوله عليه السلام : " لا سبيل لك عليها " ولم يقل إلا أن تكذب نفسك . وروى ابن إسحاق وجماعة عن الزهري قال : فمضت السنة أنهما إذا تلاعنا فُرّق بينهما فلا يجتمعان أبداً . ورواه الدَّارَقُطْنِيّ ، ورواه مرفوعاً من حديث سعيد بن جبير عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " المتلاعنان إذا افترقا لا يجتمعان أبداً " وروي عن عليّ وعبد الله قالا : مضت السنة ألا يجتمع المتلاعنان . عن عليّ : أبداً . الثامنة والعشرون : اللعان يفتقر إلى أربعة أشياء : عدد الألفاظ : وهو أربع شهادات على ما تقدم . والمكان : وهو أن يقصد به أشرف البقاع بالبلدان ، إن كان بمكة فعند الركن والمقام ، وإن كان بالمدينة فعند المنبر ، وإن كان ببيت المقدس فعند الصخرة ، وإن كان في سائر البلدان ففي مساجدها ، وإن كانا كافرَيْن بُعث بهما إلى الموضع الذي يعتقدان تعظيمه ، إن كانا يهوديين فالكنيسة ، وإن كانا مجوسيين ففي بيت النار ، وإن كانا لا دين لهما مثل الوثنيين فإنه يلاعن بينهما في مجلس حكمه . والوقت : وذلك بعد صلاة العصر . وجمع الناس : وذلك أن يكون هناك أربع أنفس فصاعداً فاللفظ وجمع الناس مشروطان ، والزمان والمكان مستحبان . التاسعة والعشرون : من قال : إن الفراق لا يقع إلا بتمام التعانهما ، فعليه لو مات أحدهما قبل تمامه ورثه الآخر . ومن قال : لا يقع إلا بتفريق الإمام فمات أحدهما قبل ذلك وتمام اللعان ورثه الآخر . وعلى قول الشافعيّ : إن مات أحدهما قبل أن تلتعن المرأة لم يتوارثا . الموفية ثلاثين : قال ابن القَصّار : تفريق اللعان عندنا ليس بفسخ وهو مذهب المدوّنة : فإن اللعان حكم تفريقه حكم تفريق الطلاق ، ويعطَى لغير المدخول بها نصف الصداق . وفي مختصر ابن الجَلاّب : لا شيء لها وهذا على أن تفريق اللعان فسخ .