Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 23-24)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ } هذا تنبيه على عظم قدر يوم القيامة أي قصدنا في ذلك إلى ما كان يعمله المجرمون من عمل بَرٍّ عند أنفسهم . يقال : قدِم فلان إلى أمر كذا أي قصده . وقال مجاهد : { قَدِمْنَا } أي عمدنا . وقال الراجز : @ وقَدِم الخوارجُ الضُّلالُ إلى عِباد ربِّهم فقالوا إن دماءكم لنا حلالُ @@ وقيل : هو قدوم الملائكة ، أخبر به عن نفسه تعالى فاعله . { فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } أي لا ينتفع به أي أبطلناه بالكفر . وليس { هَبَاءً } من ذوات الهمز وإنما همزت لالتقاء الساكنين . والتصغير هُبَيٌّ في موضع الرفع ، ومن النحويين من يقول : هُبَيٍّ في موضع الرفع حكاه النحاس . وواحده هباة والجمع أهباء . قال الحارث بن حلِّزة يصف ناقة : @ فَتَرى خِلْفَها من الرَّجْعِ والوَقْـ ـعِ مَنِيناً كأنه أهباء @@ وروى الحرث عن علي قال : الهباء المنثور شعاع الشمس الذي يدخل من الكوّة . وقال الأزهريّ : الهباء ما يخرج من الكوّة في ضوء الشمس شبيه بالغبار . تأويله : إن الله تعالى أحبط أعمالهم حتى صارت بمنزلة الهباء المنثور . فأما الهباء المنبث فهو ما تثيره الخيل بسنابكها من الغبار . والمنبث المتفرق . وقال ابن عرفة : الهبوَة والهبَاء التراب الدقيق . الجوهري : ويقال له إذا ارتفع هبَا يَهْبُو هُبُوًّا وأهبيته أنا . والهَبْوة الغَبْرة . قال رؤبة : @ تَبْدُو لنا أعلاَمُه بعد الغَرَقْ في قِطَعِ الآلِ وهَبْوَاتِ الدُّقَقْ @@ وموضعٌ هابِي التراب أي كأن ترابه مثل الهباءِ في الرقة . وقيل : إنه ما ذرته الرياح من يابس أوراق الشجر قاله قتادة وابن عباس . وقال ابن عباس أيضاً : إنه الماء المهراق . وقيل : إنه الرماد قاله عبيد بن يعلى . قوله تعالى : { أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً } . تقدم القول فيه عند قوله تعالى : { قُلْ أَذٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِي وَعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } [ الفرقان : 15 ] . قال النحاس : والكوفيون يجيزون « العسل أحلى من الخل » وهذا قول مردود لأن معنى فلان خير من فلان أنه أكثر خيراً منه ولا حلاوة في الخل . ولا يجوز أن يقال : النصراني خير من اليهودي لأنه لا خير فيهما فيكون أحدهما أزيد في الخير . لكن يقال : اليهودي شر من النصراني فعلى هذا كلام العرب . و « مُسْتَقَرًّا » نصب على الظرف إذا قدر على غير باب « أفعل منك » والمعنى لهم خير في مستقر . وإذا كان من باب « أفعل منك » فانتصابه على البيان قاله النحاس والمهدوي . قال قتادة : { وَأَحْسَنُ مقِيلاً } منزلاً ومأوى . وقيل : هو على ما تعرفه العرب من مقيل نصف النهار . ومنه الحديث المرفوع : " إن الله تبارك وتعالى يفرغ من حساب الخلق في مقدار نصف يوم فيَقِيلُ أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار " ذكره المهدوِي . وقال ابن مسعود : لا ينتصف النهار يوم القيامة من نهار الدنيا حتى يقيل هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار ، ثم قرأ : { ثم إِن مقِيلهم لإلى الجحيم } كذا هي في قراءة ابن مسعود . وقال ابن عباس : الحساب من ذلك اليوم في أوله ، فلا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار . ومنه ما روي : « قِيلوا فإن الشياطين لا تَقِيل » . وذكر قاسم بن أصبغ من حديث " أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة » فقلت : ما أطول هذا اليوم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « والذي نفسي بيده إنه ليخفف عن المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة المكتوبة يصلّيها في الدنيا » " .