Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 1-6)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { طسۤمۤ } تقدّم الكلام فيه . { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } { تِلْكَ } في موضع رفع بمعنى هذه تلك و { آيَاتُ } بدل منها . ويجوز أن يكون في موضع نصب بـ { ـنَتْلُو } و { آيَاتُ } بدل منها أيضاً وتنصبها كما تقول : زيداً ضربت . و { الْمُبِينِ } أي المبين بركته وخيره ، والمبين الحق من الباطل ، والحلال من الحرام ، وقصص الأنبياء ، ونبوّة محمد صلى الله عليه وسلم . ويقال : بان الشيء وأبان اتضح . { نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } ذكر قصة موسى عليه السلام وفرعون وقارون ، واحتج على مشركي قريش ، وبيّن أن قرابة قارون من موسى لم تنفعه مع كفره ، وكذلك قرابة قريش لمحمد ، وبين أن فرعون علا في الأرض وتجبّر ، فكان ذلك من كفره ، فليجتنب العلوّ في الأرض ، وكذلك التعزز بكثرة المال ، وهما من سيرة فرعون وقارون . { نَتْلُواْ عَلَيْكَ } أي يقرأ عليك جبريل بأمرنا { مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ } أي من خبرهما و { من } للتبعيض و { مِنْ نَبَإ } مفعول { نَتْلُو } أي نَتْلو عليك بعض خبرهما كقوله تعالى : { تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ } [ المؤمنون : 20 ] . ومعنى : { بِالْحَقِّ } أي بالصدق الذي لا ريب فيه ولا كذب . { لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } أي يصدّقون بالقرآن ويعلمون أنه من عند الله فأما من لم يؤمن فلا يعتقد أنه حق . قوله تعالى : { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } أي استكبر وتجبّر قاله ابن عباس والسّديّ . وقال قتادة : علا في نفسه عن عبادة ربه بكفره وادعى الربوبية . وقيل : بملكه وسلطانه فصار عالياً على من تحت يده . « فِي الأَرْضِ » أي أرض مصر . { وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً } أي فرقاً وأصنافاً في الخدمة . قال الأعشى : @ وبلدة يَرْهَبُ الجوَّابُ دجلتَها حتى تراه عليها يَبْتَغي الشِّيعَا @@ { يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ } أي من بني إسرائيل . { يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } تقدّم القول في هذا في « البقرة » عند قوله : { يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ } [ البقرة : 49 ] الآية وذلك لأن الكهنة قالوا له : إن مولوداً يولد في بني إسرائيل يذهب ملكك على يديه ، أو قال المنجِّمون له ذلك ، أو رأى رؤيا فعبِّرت كذلك . قال الزجاج : العجب من حمقه لم يدر أن الكاهن إن صدق فالقتل لا ينفع ، وإن كذب فلا معنى للقتل . وقيل : جعلهم شيعاً فاستسخر كل قوم من بني إسرائيل في شغل مفرد . { إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } أي في الأرض بالعمل والمعاصي والتجبر . قوله تعالى : { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ } أي نتفضل عليهم وننعم . وهذه حكاية مضت . { وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً } قال ابن عباس : قادة في الخير . مجاهد : دعاة إلى الخير . قتادة : ولاة وملوكاً دليله قوله تعالى : { وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً } [ المائدة : 20 ] . قلت : وهذا أعمّ فإن الملِك إمام يؤتم به ويقتدى به . { وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ } لملك فرعون يرثون ملكه ، ويسكنون مساكن القبط . وهذا معنى قوله تعالى : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ } [ الأعراف : 137 ] . قوله تعالى : { وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ } أي نجعلهم مقتدرين على الأرض وأهلها حتى يُستولَى عليها يعني أرض الشام ومصر . { وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا } أي ونريد أن نري فرعون . وقرأ الأعمش ويحيـى وحمزة والكسائي وخلف : { وَيَرَى } بالياء على أنه فعل ثلاثي من رأى { فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا } رفعاً لأنه الفاعل . الباقون { نُرِيَ } بضم النون وكسر الراء على أنه فعل رباعي من أرى يُرِي ، وهي على نسق الكلام لأن قبله { وَنُرِيدُ } وبعده { وَنُمَكِّنَ } . { فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا } نصباً بوقوع الفعل . وأجاز الفراء { وَيُرِيَ فِرْعَوْنَ } بضم الياء وكسر الراء وفتح الياء بمعنى ويري الله فرعون { مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرونَ } وذلك أنهم أخبروا أن هلاكهم على يدي رجل من بني إسرائيل فكانوا على وجل { مِنْهُمْ } فأراهم الله { مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ } . قال قتادة : كان حَازياً لفرعون والحازي المنجم قال إنه سيولد في هذه السنة مولود يذهب بملكك فأمر فرعون بقتل الولدان في تلك السنة . وقد تقدّم .