Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 36-42)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ } أي ظاهرات واضحات { قَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى } مكذوب مختلق { وَمَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ } . وقيل : إن هذه الآيات ما احتج به موسى في إثبات التوحيد من الحجج العقلية . وقيل : هي معجزاته . قوله تعالى : { وَقَالَ مُوسَىٰ } قراءة العامة بالواو . وقرأ مجاهد وابن كثير وابن محيصن : { قَالَ } بلا واو وكذلك هو في مصحف أهل مكة . { رَبِّيۤ أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ } أي بالرشاد . { مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ } قرأ الكوفيون إلا عاصماً : { يكون } بالياء والباقون بالتاء . وقد تقدّم هذا . { عَاقِبَةُ ٱلدَّارِ } أي دار الجزاء . { إِنَّهُ } الهاء ضمير الأمر والشأن { لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ } . قوله تعالى : { وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } قال ابن عباس : كان بينها وبين قوله : { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [ النازعات : 24 ] أربعون سنة ، وكذب عدوّ الله بل علم أن له ثَمَّ رَبّاً هو خالقه وخالق قومه . { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } [ الزخرف : 87 ] . قال : { فَأَوْقِدْ لِي يٰهَامَانُ عَلَى ٱلطِّينِ } أي اطبخ لي الآجرّ عن ابن عباس رضي الله عنه . وقال قتادة : هو أوّل من صنع الآجرّ وبنى به . ولما أمر فرعون وزيره هامان ببناء الصرح جمع هامان العمال قيل خمسين ألف بناء سوى الأتباع والأجراء وأمر بطبخ الآجرّ والجص ، ونشر الخشب ، وضرب المسامير ، فبنوا ورفعوا البناء وشيّدوا بحيث لم يبلغه بنيان منذ خلق الله السموات والأرض ، فكان الباني لا يقدر أن يقوم على رأسه ، حتى أراد الله أن يفتنهم فيه . فحكى السدّي : أن فرعون صعد السطح ورمى بنُشَّابة نحو السماء ، فرجعت متلطخة بدماء ، فقال قد قتلت إله موسى . فروي أن جبريل عليه السلام بعثه الله تعالى عند مقالته ، فضرب الصرح بجناحه فقطعه ثلاث قطع قطعة على عسكر فرعون قتلت منهم ألف ألف ، وقطعة في البحر ، وقطعة في الغرب ، وهلك كل من عمل فيه شيئاً . والله أعلم بصحة ذلك . { وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } الظن هنا شك ، فكفر على الشك لأنه قد رأى من البراهين ما لا يُخِيل على ذي فطرة . قوله تعالى : { وَٱسْتَكْبَرَ } أي تعظّم { هُوَ وَجُنُودُهُ } أي عن الإيمان بموسى . { فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } أي بالعدوان ، أي لم تكن له حجة تدفع ما جاء به موسى . { وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ } أي توهموا أنه لا معاد ولا بعث . وقرأ نافع وابن محيصن وشيبة وحميد ويعقوب وحمزة والكسائي : { لاَ يَرْجِعُونَ } بفتح الياء وكسر الجيم على أنه مسمى الفاعل . الباقون : { يُرْجَعُونَ } على الفعل المجهول . وهو اختيار أبي عبيد ، والأوّل اختيار أبي حاتم . { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ } وكانوا ألفي ألف وستمائة ألف . { فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ } أي طرحناهم في البحر المالح . قال قتادة : بحر من وراء مصر يقال له إِسَاف أغرقهم الله فيه . وقال وهب والسدّي : المكان الذي أغرقهم الله فيه بناحية الْقُلْزُم يقال له بطن مُرَيْرَة ، وهو إلى اليوم غضبان . وقال مقاتل ، يعني نهر النيل . وهذا ضعيف والمشهور الأوّل . { فَٱنظُرْ } يا محمد { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ } أي آخر أمرهم . { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً } أي جعلناهم زعماء يتبعون على الكفر ، فيكون عليهم وزرهم ووزر من اتبعهم حتى يكون عقابهم أكثر . وقيل : جعل الله الملأ من قومه رؤساء السّفلة منهم ، فهم يدعون إلى جهنم . وقيل : أئمة يأتم بهم ذوو العبر ويتّعظ بهم أهل البصائر . { يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } أي إلى عمل أهل النار { وَيَوْمَ ٱلْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ } . { وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً } أي أمرنا العباد بلعنهم فمن ذكرهم لعنهم . وقيل : أي ألزمناهم اللعن أي البعد عن الخير . { وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ } أي من المهلَكين الممقوتين . قاله ابن كيسان وأبو عبيدة . وقال ابن عباس : المشوَّهين الخلقة بسواد الوجوه وزرقة العيون . وقيل : من المبعَدين . يقال : قَبَحه الله أي نحاه من كل خير ، وَقَبَحه وقَبَّحَه إذا جعله قبيحاً . وقال أبو عمرو : قَبَحت وجهه بالتخفيف معناه قَبَّحت . قال الشاعر : @ أَلاَ قَبَحَ اللَّهُ البراجِمَ كلَّها وقَبَّح يَرْبوعاً وقبَّح دَارِمَا @@ وانتصب يوماً على الحمل على موضع { فِي هَذِهِ الدُّنْيَا } واستغنى عن حرف العطف في قوله : { مِنَ الْمَقْبُوحِينَ } كما استغنى عنه في قوله : { سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ } [ الكهف : 22 ] . ويجوز أن يكون العامل في { يوم } مضمراً يدّل عليه قوله : { هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ } فيكون كقوله : { يَوْمَ يَرَوْنَ ٱلْمَلاَئِكَةَ لاَ بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ } [ الفرقان : 22 ] . ويجوز أن يكون العامل في { يوم } قوله : { هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ } وإن كان الظرف متقدماً . ويجوز أن يكون مفعولاً على السعة ، كأنه قال وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ولعنة يوم القيامة .