Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 85-88)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } ختم السورة ببشارة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بردّه إلى مكة قاهراً لأعدائه . وقيل : هو بشارة له بالجنّة . والأوّل أكثر . وهو قول جابر ابن عبد الله وابن عباس ومجاهد وغيرهم . قال القتبي : معاد الرجل بلده لأنه ينصرف ثم يعود . وقال مقاتل : خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم من الغار ليلاً مهاجراً إلى المدينة في غير الطريق مخافة الطلب ، فلما رجع إلى الطريق ونزل الجحفة عرف الطريق إلى مكة فاشتاق إليها ، فقال له جبريل إن الله يقول : { إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } أي إلى مكة ظاهراً عليها . قال ابن عباس : نزلت هذه الآية بالجُحفة ليست مكية ولا مدنية . وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس { إِلى مَعَادٍ } قال : إلى الموت . وعن مجاهد أيضاً وعكرمة والزهري والحسن : إن المعنى لرادّك إلى يوم القيامة وهو اختيار الزجاج . يقال : بيني وبينك المعاد أي يوم القيامة لأن الناس يعودون فيه أحياء و { فَرَضَ } معناه أنزل . وعن مجاهد أيضاً وأبي مالك وأبي صالح : { إِلى مَعَادٍ } إلى الجنة . وهو قول أبي سعيد الخدري وابن عباس أيضاً لأنه دخلها ليلة الإسراء . وقيل : لأن أباه آدم خرج منها . { قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ } أي قل لكفار مكة إذا قالوا إنك لفي ضلال مبين { رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أنا أم أنتم . قوله تعالى : { وَمَا كُنتَ تَرْجُوۤ أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابُ } أي ما علمت أننا نرسلك إلى الخق وننزل عليك القرآن . { إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } قال الكسائي : هو استثناء منقطع بمعنى لكن . { فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ } أي عوناً لهم ومساعداً . وقد تقدّم في هذه السورة . قوله تعالى : { وَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ ٱللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ } يعني أقوالهم وكذبهم وأذاهم ، ولا تلتفت نحوهم وامض لأمرك وشأنك . وقرأ يعقوب : { يَصُدُّنْكَ } مجزوم النون . وقرى : { يُصِدُّنَّكَ } من أصدّه بمعنى صدّه وهي لغة في كلب . قال الشاعر : @ أُنَاسٌ أصدوا الناسَ بالسيف عنهم صُدُودَ السَّوَاقِي عن أنوفِ الحَوَائِم @@ { وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ } أي إلى التوحيد . وهذا يتضمن المهادنة والموادعة . وهذا كله منسوخ بآية السيف . وسبب هذه الآية ما كانت قريش تدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تعظيم أوثانهم ، وعند ذلك ألقى الشيطان في أمنيته أمر الغَرَانيق على ما تقدّم . والله أعلم . قوله تعالى : { وَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ } أي لا تعبد معه غيره فإنه لا إلٰه إلا هو . نفي كل معبود وإثبات لعبادته . { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } قال مجاهد : معناه إلا هو وقال الصادق : دينه . وقال أبو العالية وسفيان : أي إلا ما أريد به وجهه أي ما يقصد إليه بالقربة . قال : @ أستغفرُ اللَّهَ ذنباً لستُ مُحْصِيَه ربَّ العبادِ إليه الوَجْهُ والعملُ @@ وقال محمد بن يزيد : حدّثني الثوري قال سألت أبا عبيدة عن قوله تعالى : { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } فقال : إلا جاهه ، كما تقول لفلان وجه في الناس أي جاه . { لَهُ ٱلْحُكْمُ } في الأولى والآخرة { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } . قال الزجاج : { وَجْهَهُ } منصوب على الاستثناء ، ولو كان في غير القرآن كان إلا وجهه بالرفع ، بمعنى كل شيء غير وجهه هالك كما قال : @ وكلُّ أخٍ مُفارقُهُ أخوه لَعَمْرُ أبيكَ إلاّ الْفَرْقَدَانِ @@ والمعنى كل أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه . { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } بمعنى ترجعون إليه .