Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 166-167)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يعني يوم أُحُد من القتل والجَرْح والهزيمة { فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ } أي بعلمه . وقيل : بقضائه وقَدَره . قال القَفّال : أي فبِتَخْلِيته بينكم وبينهم ، لا أنه أراد ذلك . وهذا تأويل المعتزلة . ودخلت الفاء في « فبإذن الله » لأن « ما » بمعنى الذي . أي والذي أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله فأشبه الكلام معنى الشرط ، كما قال سيبويه : الذي قام فله درهم . { وَلِيَعْلَمَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } { وَلْيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ } أي ليُمَيّز . وقيل ليرى . وقيل : ليظهر إيمان المؤمنين بثبوتهم في القتال ، وليظهر المنافقين بإظهارهم الشّماتة فيعلمون ذلك . والإشارة بقوله : { نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ } هي إلى عبد الله بن أُبي وأصحابهِ الذين ٱنصرفوا معه عن نُصرة النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وكانوا ثلاثمائة ، فمشى في أثرهم عبدُ الله بن عمرو بن حرام الأنصاري ، أبو جابر بن عبد الله ، فقال لهم : ٱتّقوا الله ولا تتركوا نبيّكم ، وقاتلوا في سبيل الله أو ٱدفعوا ، ونحو هذا من القول . فقال له ابن أبيّ : ما أرى أن يكون قِتال ، ولو علمنا أن يكون قِتال لكنا معكم . فلما يئس منهم عبد الله قال : ٱذهبوا أعداءَ الله فسيُغنِي اللَّهُ رسولَه عنكم . ومضى مع النبيّ صلى الله عليه وسلم واستُشهد رحمه الله تعالىٰ . واختلف الناس في معنى قوله : { أَوِ ٱدْفَعُواْ } فقال السُّدِّي وابن جريج وغيرهما : كَثِّروا سوادنا وإن لم تقاتلوا معنا فيكون ذلك دَفْعاً وقَمْعاً للعدوّ فإن السواد إذا كثر حصل دفع العدوّ . وقال أنس بن مالك : رأيت يوم القادِسِيّة عبد الله بن أُمِّ مَكْتُوم الأعمىٰ وعليه دِرْع يجرّ أطرافها ، وبيده رايةٌ سوداء فقيل له : أليس قد أنزل الله عذرك ؟ قال : بلى ولكني أكثِّر سواد المسلمين بنفسي . ورُوي عنه أنه قال : فكيف بسوادي في سبيل اللهٰ وقال أبو عون الأنصاري : معنى « أو ٱدفعوا » رابطوا . وهذا قريب من الأوّل . ولا محالة أن المرابط مدافع لأنه لولا مكان المرابطين في الثّغور لجاءها العدوّ . وذهب قوم من المفسرين إلى أن قول عبدِ الله بن عمرو { أو ٱدفعوا } إنما هو ٱستدعاء إلى القتال حمية لأنه استدعاهم إلى القتال في سبيل الله ، وهي أن تكون كلمة الله هي العليا ، فلما رأى أنهم ليسوا على ذلك عرض عليهم الوجه الذي يَحْشِمَهم ويبعث الأَنَفة . أي أو قاتلوا دِفاعاً عن الحَوْزة . ألاَّ ترىٰ أن قُزْمان قال : والله ما قاتلت إلاَّ عن أحساب قومي . وألا ترى أن بعض الأنصار قال يوم أُحُد لما رأى قريشاً قد أرسلت الظَّهر في زروع قَناة ، أتُرْعَىٰ زروع بني قَيْلة ولما نضارِب ؟ والمعنى إن لم تقاتلوا في سبيل الله فقاتلوا دَفْعاً عن أنفسكم وحَرِيمكم . قوله تعالىٰ : { هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ } أي بيَّنوا حالَهم ، وهتَكُوا أسْتارَهم ، وكشَفُوا عن نفاقِهم لمن كان يُظنّ أنهم مسلمون فصاروا أقربَ إلى الكفر في ظاهر الحال ، وإن كانوا كافرين على التحقيق . وقوله تعالىٰ : { يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } أي أظهَروا الإيمان ، وأَضمَرُوا الكفر . وذِكْرُ الأفواه تأكيدٌ مثل قوله : { يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ } .