Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 183-184)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ٱلَّذِينَ } في موضع خفض بدلا من « الَّذِينَ » في قوله عز وجل { لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ } أَو نعت « للعبيد » أو خبر ابتداء ، أي هم الذين قالوا . وقال الكلبي وغيره : « نزلت في كعب بن الأشرف ، ومالك بن الصَّيْف ، ووهب بن يهوذا ، وفنحاص بن عازورا وجماعةٍ أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له : أتزعم أن الله أرسلك إلينا ، وأنه أنزل علينا كتابا عهِد إلينا فيه ألاّ نؤمن لرسول يزعم أنه من عند الله حتى يَأتِينَا بِقُربان تأكله النار ، فإن جئتنا به صدقناك . فأنزل الله هذه الآية » فقيل : كان هذا في التوراة ، ولكن كان تمام الكلام : حتى يأتيكم المسيح ومحمد فإذا أتياكم فآمنوا بهما من غير قربان . وقيل : كان أمر القَرابين ثابتا إلى أن نُسِخت على لسان عيسى بن مريم . وكان النبي منهم يَذْبح ويدعو فتنزل نار بيضاء لها دوِيّ وحفيف لا دخان لها ، فتأكل القُربان . فكان هذا القول دَعْوَى من اليهود إذ كان ثَمّ ٱستثناء فأخفوه ، أولاً نسخٌ ، فكانوا في تمسِكهم بذلك مُتعنِتِين ، ومعجزات النبي صلى الله عليه وسلم دليل قاطع في إبطال دعواهم ، وكذلك معجزات عيسى ومن وجب صدقه وجب تصديقه . ثم قال تعالى : إقامة للحجة عليهم : { قُلْ } يا محمد { قَدْ جَآءَكُمْ } يا معشر اليهود { رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ } من القربان { فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } يعني زكريا ويحي وشَعْيا ، وسائر من قُتِلوا من الأنبياء عليهم السلام ولم تؤمنوا بهم . أراد بذلك أسلافهم . وهذه الآية هي التي تلاها عامر الشعبي رضي الله عنه ، فاحتج بها على الذي حسّن قتل عثمان رضي الله عنه كَما بيّناه . وأن الله تعالى سمّى اليهود قَتَلة لرضاهم بفعل أسلافهم ، وإن كان بينهم نحو من سبعمائة سنة . والقُربان ما يتقربُ به إلى الله تعالى من نُسُك وصدقه وعملٍ صالح وهو فعُلان من القُربة . ويكون ٱسما ومصدرا فمثال الاسم السّلطان والبُرْهان . والمصدر العُدْوان والخُسْران . وكان عيسى ٱبن عمر يقرأ « بِقُرُبَانٍ » بضم الراء ٱتباعا لضمه القاف كما قيل في جمع ظلمه : ظُلُمَات ، وفي حجرة حُجُرات . ثم قال تعالى معزِّيا لنبيه ومؤنسا له : { فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآءُوا بِٱلْبَيِّنَاتِ } أي بالدلالات . { وَٱلزُّبُرِ } أي الكتب المزبورة ، يعني المكتوبة . والزُّبُر جمع زَبور وهو الكتاب . وأصله من زَبَرت أي كتبت . وكل زبور فهو كتاب قال ٱمرؤ القيس : @ لِمَنْ طَلَلٌ أبصرتهُ فشجاني كخط زبور في عسيب يماني @@ وأنا أعرف تَزْبِرتي أي كتابتي . وقيل : الزَّبُور من الزَّبر بمعنى الزَّجْر . وزَبَرت الرجل ٱنتهزته . وزَبَرت البئر : طويتها بالحجارة . وقرأ ٱبن عامر { وَبِٱلزُّبُرِ وَبِٱلْكِتَابِ ٱلْمُنِيرِ } بزيادة باء في الكلمتين . وكذلك هو في مصاحف أهل الشام . { وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُنِيرِ } أي الواضح المضيء من قولك : أَنَرت الشيء أنِيرْه ، أي أوضحته : يقال : نار الشيء وأناره ونوّره وٱستناره بمعنى ، وكل واحد منهما لازمٌ ومتعدٍ . وجَمَع بين الزبر والكتاب وهما بمعنّى لاختلاف لفظهما ، وأصلها كما ذكرنا .