Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 186-186)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا الخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم وأُمته والمعنى : لتُختبرنّ ولتُمتحنن في أموالكم بالمصائب والأرزاء بالإنفاق في سبيل الله وسائر تكاليف الشرع . والابتلاء في الأنفس بالموت والأمراض وفقد الأحباب . وبدأ بذكر الأموال لكثرة المصائب بها . { وَلَتَسْمَعُنَّ } إن قيل : لم ثبتت الواو في « لتبلُون » وحذفت من « وَلَتَسْمَعُنَّ » فالجواب أن الواو في « لتبلون » قبلها فتحة فحركت لالتقاء الساكنين ، وخُصّت بالضمة لأنها واو الجمع ، ولم يجز حذفها لأنها ليس قبلها ما يدل عليها ، وحذفت من « ولتسمعن » لأن قبلها ما يدل عليها . ولا يجوز همز الواو في « لتبلُون » لأن حركتها عارضة قاله النحاس وغيره . ويقال للواحد من المذكر : لَتُبْلُيَنَّ يا رجل . وللإثنين : لتبليانّ يا رجلان . ولجماعة الرجال : لتبلُونّ . ونزلت بسبب أن أبا بكر رضي الله عنه سمع يهودياً يقول : إن الله فقير ونحن أغنياء . رداً على القرآن واستخفافاً به حين أنزل الله { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } [ البقرة : 245 ] فلطمه فشكاه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فنزلت . قيل : إن قائلها فِنحاص اليهودي عن عكرمة . الزُّهرِيّ : هو كعب ابن الأشرف نزلت بسببه وكان شاعراً ، وكان يهجو النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابَه ، ويُؤَلِّب عليه كفار قريش : ويْشبِّب بنساء المسلمين حتى بعث إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم محمَد بنَ مَسْلمة وأصحابَه فقتله القِتْلة المشهورة في السِّيَر وصحيح الخبر . وقيل غير هذا . وكان صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة كان بها اليهود والمشركون ، فكان هو وأصحابه يسمعون أذًى كثيراً . وفي الصحيحين أنه عليه السلام مرّ بٱبن أُبَيّ وهو عليه السلام على حمار فدعاه إلى الله تعالى فقال ابن أُبَيّ : إن كان ما تقول حقّاً فلا تؤذنَا به في مجالسنا ! ارجع إلى رحلك ، فمن جاءك فاقصص عليه . وقبض على أنفه لئلا يصيبه غبار الحمار ، فقال ابن رَوَاحة نعم يا رسول الله ، فاغْشنَا في مجالسنا فإنا نحبّ ذلك . وٱستبّ المشركون الذين كانوا حول ابن أُبَيّ والمسلمون ، وما زال النبيّ صلى الله عليه وسلم يسكّنهم حتى سَكنوا . ثم دخل على سعد بن عُبادة يعوده وهو مريض ، فقال : « ألم تسمع ما قال فلان » فقال سعد : أعف عنه وٱصفح ، فوالذي أنزل عليك الكتاب لقد جاءك الله بالحق الذي نَزل ، وقد اصطلح أهل هذه البُحَيْرة على أن يتوِّجوه ويعصبوه بالعصابة فلما ردّ الله ذلك بالحق الذي أعطاكَهُ شَرِقَ به ، فذلك فعل به ما رأيت . فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونزلت هذه الآية . قيل : هذا كان قبل نزول القتال ، ونَدَب الله عبادَه إلى الصبر والتقوى وأخبر أنه من عزم الأمور . وكذا في البخاريّ في سياق الحديث ، أن ذلك كان قبل نزول القتال . والأظهر أنه ليس بمنسوخ فإن الجدال بالأحسن والمداراة أبداً مندوب إليها ، وكان عليه السلام مع الأمر بالقتال يوادع اليهود ويُدَاريهم ، ويصفح عن المنافقين ، وهذا بيِّن . ومعنى { عَزْمِ ٱلأُمُورِ } شدّها وصلابتها . وقد تقدّم .