Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 47-47)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالىٰ : { قَالَتْ رَبِّ } أي يا سَيّدي . تخاطب جبريل عليه السَّلام لأنه لما تمثل لها قال لها : إنما أنا رسولُ رَبِّك ليَهب لكِ غلاماً زكياً . فلما سمعت ذلك من قوله ٱستفهمت عن طريق الولد فقالت : أنَّى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ؟ أي بنكاح . في سورتها { وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً } [ مريم : 20 ] ذكرت هذا تأكيداً لأن قولها { وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ } يشمل الحرام والحلال . تقول : العادة الجارية التي أجراها الله في خلقه أن الولد لا يكون إلاَّ عن نكاح أو سِفاح . وقيل : ما ٱستبعدت من قدرة الله تعالىٰ شيئاً ، ولكن أرادت كيف يكون هذا الولد : أمِن قِبل زوج في المستقبل أم يخلقه الله ٱبتداء ؟ فرُوي أن جبريل عليه السَّلام حين قال لها : { كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } { قَالَ كَذٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ } [ مريم : 21 ] . نفخ في جَيب درعها وكُمّها قاله ٱبن جُريج . قال ٱبن عباس : أخذ جبريل رُدْن قميصها بأصبعه فنفخ فيه فحملت من ساعتها بعيسىٰ . وقيل غير ذلك على ما يأتي بيانه في سورتها إن شاء الله تعالىٰ . وقال بعضهم : وقع نفخ جبريل في رحمها فعلِقت بذلك . وقال بعضهم : لا يجوز أن يكون الخلق من نفخ جبريل لأنه يصير الولد بعضه من الملائكة وبعضه من الإنس ، ولكن سبب ذلك أن الله تعالىٰ لما خلق آدم وأخذ الميثاق من ذُرِّيته فجعل بعض الماء في أصلاب الآباء وبعضه في أرحام الأمّهات فإذا ٱجتمع الماءان صارا ولداً ، وأن الله تعالىٰ جعل الماءين جميعاً في مريم بعضه في رِحمها وبعضه في صُلبها ، فنفخ فيه جبريل لتهيج شهوتها لأن المرأة ما لم تَهِج شهوتها لا تحبل ، فلما هاجت شهوتها بنفخ جبريل وقع الماء الذي كان في صُلبها في رَحِمها فاختلط الماءان فعلِقت بذلك فذلك قوله تعالىٰ : { إِذَا قَضَىٰ أَمْراً } يعني إذا أراد أن يخلق خلقاً { فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } . وقد تقدّم في « البقرة » القول فيه مستوفى .