Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 6-6)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فيه مسألتان : الأولى : قوله تعالى : { هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ } أخبر تعالى : عن تصويره للبشر في أرحام الأُمهات . وأصل الرحِم من الرّحْمة ، لأنها مما يُتَراحَم به . وٱشتقاق الصُّورَة من صاره إلى كذا إذا أماله فالصورة مائلة إلى شَبَهٍ وهَيْئة . وهذه الآية تعظيم لله تعالى ، وفي ضمنها الرد على نصارى نَجْران ، وأنّ عيسى من المَصوَّرين ، وذلك مما لا ينكره عاقل . وأشار تعالى إلى شرح التّصْوير في سورة « الحج » و « المؤمنون » . وكذا شرحه النبيّ صلى الله عليه وسلم في حديث ٱبن مسعود ، على ما يأتي هناك بيانه إن شاء الله تعالىٰ . وفيها الردّ على الطبائعيين أيضاً إذْ يجعلونها فاعلةً مستبِدّة . وقد مضى الردّ عليهم في آية التوحيد وفي مسند ٱبن سنجر وٱسمه محمد بن سنْجر حديث : " إن الله تعالى يخلق عِظام الجنين وغَضارِيفه من مَنِى الرجل وشحمه ولحمه من مَنِى المرأة " وفي هذا أدَلُّ دليل على أن الولد يكون من ماء الرجل والمرأة ، وهو صريح في قوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ } [ الحجرات : 13 ] وفي صحيح مسلم من حديث ثوبان وفيه : أنّ اليهودي قال للنبي صلى الله عليه وسلم : وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان . قال : « ينفعك إن حدّثتك » ؟ . قال : أسمعُ بأُذُنيّ ، قال : جئتك أسألك عن الولد . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ماء الرجل أبيضُ وماء المرأة أصفر فإذا ٱجتمعا فَعَلا مَنىُّ الرجل مَنيَّ المرأة أذكَرا بإذْن الله تعالى وإذا عَلاَ مَنىُّ المرأة مَنىَّ الرجلِ آنَثَا بإذن الله " الحديث . وسيأتي بيانه آخر « الشّورَى » إن شاء الله تعالى . الثانية : قوله تعالى : { كَيْفَ يَشَآءُ } يعني من حُسْن وقُبْح وسواد وبَيَاض وطُول وقِصَر وسَلامة وعاهة ، إلى غير ذلك من الشقاء والسعادة . وذُكر عن إبراهيم بن أدْهم أنّ القرّاء ٱجتمعوا إليه ليسمعوا ما عنده من الأحاديث ، فقال لهم : إني مشغول عنكم بأربعة أشياء ، فلا أتفرّغ لرواية الحديث . فقيل له : وما ذاك الشغل ؟ قال : أحدها أنِّي أتفكر في يوم المِيثاق حيث قال : « هؤلاء في الجنة ولا أُبَالي وهؤلاء في النار ولا أُبَالي » فلا أدري من أي الفريقين كنتُ في ذلك الوقت . والثاني حيث صُوِّرتُ في الرَّحِم فقال الملك الذي هو موكلّ على الأرحام : « يا ربِّ شَقِيُّ هو أم سعيد » فلا أدري كيف كان الجواب في ذلك الوقت . والثالث حين يقبِضُ ملكُ الموت روحي فيقول : « ياربِّ مع الكفر أم مع الإيمان » فلا أدري كيف يخرج الجواب . والرابع حيث يقول : { وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } [ يسۤ : 59 ] فلا أدري في أيِّ الفريقين أكونُ . ثم قال تعالى : { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي لا خالق ولا مصوّر سواه وذلك دليل على وحدانيته ، فكيف يكون عيسى إلهاً مُصوِّراً وهو مُصوَّرٌ . { ٱلْعَزِيزُ } الذي لا يغالب . { ٱلْحَكِيمُ } ذو الحكمة أو المُحْكِم ، وهذا أخص بما ذكر من التصوير .