Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 31-32)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ } اختلف في معناه ، فقيل : راجعين إليه بالتوبة والإخلاص . وقال يحيـى بن سلام والفرّاء : مقبلين إليه . وقال عبد الرحمن بن زيد : مطيعين له . وقيل : تائبين إليه من الذنوب ومنه قول أبي قيس بن الأسْلَت : @ فإن تابوا فإن بني سليم وقومهم هوازن قد أنابوا @@ والمعنى واحد فإن « ناب وتاب وثاب وآب » معناه الرجوع . قال الماوردِيّ : وفي أصل الإنابة قولان : أحدهما : أن أصله القطع ومنه أخِذ اسم الناب لأنه قاطع فكأن الإنابة هي الانقطاع إلى الله عزّ وجلّ بالطاعة . الثاني : أصله الرجوع مأخوذ من ناب ينوب إذا رجع مرة بعد أخرى ومنه النَّوْبة لأنها الرجوع إلى عادة . الجوهري : وأناب إلى الله أقبل وتاب . والنَّوْبة واحدة النُّوَب ، تقول : جاءت نَوْبتك ونيابتك ، وهم يتناوبون النَّوْبة فيما بينهم في الماء وغيره . وانتصب على الحال . قال محمد بن يزيد : لأن معنى : « أَقِمْ وَجْهَكَ » فأقيموا وجوهكم منيبين . وقال الفرّاء : المعنى فأقم وجهك ومن معك منيبين . وقيل : انتصب على القطع أي فأقم وجهك أنت وأمتك المنيبين إليه لأن الأمر له ، أمرٌ لأمته فحسن أن يقول منيبين إليه ، وقد قال الله تعالى : { يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ } [ الطلاق : 1 ] . { وَٱتَّقُوهُ } أي خافوه وامتثلوا ما أمركم به { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } بيّن أن العبادة لا تنفع إلا مع الإخلاص فلذلك قال : « وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ » وقد مضى هذا مبيناً « في النساء والكهف » وغيرهما . { مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ } تأوّله أبو هريرة وعائشة وأبو أمامة : أنه لأهل القبلة من أهل الأهواء والبِدع . وقد مضى « في الأنعام » بيانه . وقال الربيع بن أنس : الذين فرّقوا دينهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى وقاله قتادة ومَعْمَر . وقرأ حمزة والكسائي : « فَارقُوا دِينَهم » ، وقد قرأ بذلك عليّ بن أبي طالب أي فارقوا دينهم الذي يجب اتباعه ، وهو التوحيد . { وَكَانُواْ شِيَعاً } أي فِرقاً قاله الكَلْبيّ . وقيل أدياناً قاله مقاتل . { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } أي مسرورون معجبون ، لأنهم لم يتبيّنوا الحق وعليهم أن يتبيّنوه . وقيل : كان هذا قبل أن تنزل الفرائض . وقول ثالث : أن العاصي لله عز وجل قد يكون فرحاً بمعصيته ، فكذلك الشيطان وقُطّاع الطريق وغيرهم ، والله أعلم . وزعم الفرّاء أنه يجوز أن يكون التمام « وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ » ويكون المعنى : من الذين فارقوا دينهم « وَكَانُوا شِيَعاً » على الاستئناف ، وأنه يجوز أن يكون متصلاً بما قبله . النحاس : وإذا كان متصلاً بما قبله فهو عند البصريين على البدل بإعادة الحرف كما قال جل وعز : { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ } [ الأعراف : 75 ] ولو كان بلا حرف لجاز .