Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 18-18)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فيه ثلاث مسائل : الأولى : قرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وابن مُحَيْصِن : « تصاعر » بالألف بعد الصاد . وقرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر والحسن ومجاهد : « تُصَعّر » وقرأ الجحدرِي : « تُصْعر » بسكون الصاد والمعنى متقارب . والصَّعَر : الميل ومنه قول الأعرابي : وقد أقام الدهر صعرى ، بعد أن أقمت صعره . ومنه قول عمرو بن حُنَيّ التّغلبي : @ وكنا إذا الجبّار صَعّر خدّه أقمنا له من مَيْله فَتقوَّمِ @@ وأنشده الطبري : « فتقوّمَا » . قال ابن عطية : وهو خطأ لأن قافية الشعر مخفوضة . وفي بيت آخر : @ أقـمـنـا لـه مـن خـدّه المـتـصـعـر @@ قال الهروي : « ولا تصاعر » أي لا تعرِض عنهم تكبّراً عليهم يقال : أصاب البعيرَ صَعَرٌ وصَيَد إذ أصابه داء يَلْوِي منه عنقه . ثم يقال للمتكبّر : فيه صَعَر وصَيَد فمعنى : « لاَ تُصَعِّر » أي لا تلزم خدّك الصَّعَر . وفي الحديث : " يأتي على الناس زمان ليس فيهم إلا أَصْعَرُ أو أبتر " والأصعر : المعرض بوجهه كبرا وأراد رُذالة الناس الذين لا دين لهم . وفي الحديث : " كلّ صعّار ملعونٌ " أي كل ذي أبَّهة وكبر . الثانية : معنى الآية : ولا تُمِل خدّك للناس كبراً عليهم وإعجاباً واحتقاراً لهم . وهذا تأويل ابن عباس وجماعة . وقيل : هو أن تلوِي شِدقك إذا ذكر الرجل عندك كأنك تحتقره فالمعنى : أقبل عليهم متواضعاً مؤنساً مستأنساً ، وإذا حدّثك أصغرهم فاصغ إليه حتى يكمل حديثه . وكذلك كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يفعل . قلت : ومن هذا المعنى ما رواه مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تباغضوا ولا تدابروا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخواناً ، ولا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث " فالتدابر الإعراض وترك الكلام والسلام ونحوه . وإنما قيل للإعراض تدابر لأن من أبغضته أعرضت عنه ووليته دبرك وكذلك يصنع هو بك . ومن أحببته أقبلت عليه بوجهك وواجهته لتسرّه ويسرّك فمعنى التدابر موجود فيمن صَعّر خده ، وبه فسر مجاهد الآية . وقال ابن خُوَيْزِمَنْدَاد : قوله : { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ } كأنه نهى أن يذِلّ الإنسان نفسه من غير حاجة ونحو ذلك روي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ليس للإنسان أن يذلّ نفسه " . الثالثة : قوله تعالى : { وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً } أي متبختراً متكبراً ، مصدر في موضع الحال ، وقد مضى في « سبحان » . وهو النشاط والمشي فرحاً في غير شغل وفي غير حاجة . وأهل هذا الخُلُق ملازمون للفخر والخُيَلاء فالمرِح مختال في مشيته . روى يحيـى بن جابر الطائي عن ابن عائذ الأزدي عن غُضيف بن الحارث قال : أتيت بيت المقدس أنا وعبد الله بن عبيد بن عمير قال : فجلسنا إلى عبد الله بن عمرو بن العاص فسمعته يقول : إن القبر يكلم العبد إذا وضع فيه فيقول : يا ابن آدم ما غَرّك بي ! ألم تعلم أني بيت الوحدة ! ألم تعلم أني بيت الظلمة ! ألم تعلم أني بيت الحق ! يا ابن آدم ما غَرّك بي ! لقد كنت تمشي حولي فَدّادا . قال ابن عائذ قلت لغُضيف : ما الفدّاد يا أبا أسماء ؟ قال : كبعض مِشيتك يا ابن أخي أحياناً . قال أبو عبيد : والمعنى ذا مال كثير وذا خُيلاء . وقال صلى الله عليه وسلم : " من جرّ ثوبه خُيَلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة " والفخور : هو الذي يعدد ما أعطِي ولا يشكر الله تعالى قاله مجاهد . وفي اللفظة الفخر بالنسب وغير ذلك .