Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 18-18)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ٱلْقُرَى ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً } قال الحسن : يعني بين اليمن والشأم . والقُرَى التي بورك فيها : الشام والأُرْدُنّ وفِلَسْطين . والبركة : قيل إنها كانت أربعة آلاف وسبعمائة قرية بورك فيها بالشجر والثمر والماء . ويحتمل أن يكون « بَارَكْنَا فِيهَا » بكثرة العدد . { قُرًى ظَاهِرَةً } قال ابن عباس : يريد بين المدينة والشام . وقال قتادة : معنى « ظَاهِرَةً » : متصلة على طريق ، يغدون فَيقِيلون في قرية ويروحون فيبيتون في قرية . وقيل : كان على كل مِيل قريةٌ بسوق ، وهو سبب أمن الطريق . قال الحسن : كانت المرأة تخرج معها مِغْزَلها وعلى رأسها مِكْتَلُها ثم تلتهي بمغزلها فلا تأتي بيتها حتى يمتلىء مِكْتَلها من كل الثمار ، فكان ما بين الشام واليمن كذلك . وقيل « ظَاهِرَةً » أي مرتفعة ، قاله المبرد . وقيل : إنما قيل لها « ظَاهرَةً » لظهورها ، أي إذا خرجْتَ عن هذه ظهرت لك الأخرى ، فكانت قرى ظاهِرة أي معروفة ، يقال : هذا أمر ظاهر أي معروف . { وَقَدَّرْنَا فِيهَا ٱلسَّيْرَ } أي جعلنا السير بين قراهم وبين القرى التي باركنا فيها سَيْراً مقدّراً من منزل إلى منزل ، ومن قرية إلى قرية ، أي جعلنا بين كل قريتين نصف يوم حتى يكون المقيل في قرية والمبيت في قرية أخرى . وإنما يبالغ الإنسان في السير لعدم الزاد والماء ولخوف الطريق ، فإذا وجد الزاد والأمن لم يحمل على نفسه المشقة ونزل أينما أراد . { سِيرُواْ فِيهَا } أي وقلنا لهم سيروا فيها ، أي في هذه المسافة فهو أمر تمكين ، أي كانوا يسيرون فيها إلى مقاصدهم إذا أرادوا آمنين ، فهو أمر بمعنى الخبر ، وفيه إضمار القول . { لَيَالِيَ وَأَيَّاماً } ظرفان { آمِنِينَ } نصب على الحال . وقال : « لَيَالِيَ وَأَيَّاماً » بلفظ النكرة تنبيهاً على قِصر أسفارهم أي كانوا لا يحتاجون إلى طول السفر لوجود ما يحتاجون إليه . قال قتادة : كانوا يسيرون غير خائفين ولا جياع ولا ظِماء ، وكانوا يسيرون مسيرة أربعة أشهر في أمان لا يحرك بعضهم بعضاً ، ولو لقي الرجلُ قاتِلَ أبيه لا يحرّكه .