Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 80-83)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ نَاراً } نبّه تعالى على وحدانيته ، ودل على كمال قدرته في إحياء الموتى بما يشاهدونه من إخراج المحرِق اليابس من العود النديّ الرطب . وذلك أن الكافر قال : النطفة حارة رطبة بطبع الحياة فخرج منها الحياة ، والعظم بارد يابس بطبع الموت فكيف تخرج منه الحياةٰ فأنزل الله تعالى : { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ نَاراً } أي إن الشجر الأخضر من الماء والماء بارد رطب ضد النار وهما لا يجتمعان ، فأخرج الله منه النار فهو القادر على إخراج الضد من الضد ، وهو على كل شيء قدير . ويعني بالآية ما في المَرْخ والعَفَار ، وهي زنادة العرب ومنه قولهم : في كل شجر نار وٱسْتَمجَد المَرْخُ والعَفَار فالعَفَار الزَّنْد وهو الأعلى ، والمَرْخ الزَّنْدة وهي الأسفل يؤخذ منهما غصنان مثل المسواكين يقطران ماء فيحك بعضهما إلى بعض فتخرج منهما النار . وقال : { مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ } ولم يقل الخضراء وهو جمع ، لأنه رده إلى اللفظ . ومن العرب من يقول : الشجر الخضراء كما قال عز وجل : { مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } [ الواقعة : 52 53 ] . ثم قال تعالى محتجاً { أَوَلَـيْسَ ٱلَذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاواتِ وَٱلأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم } أي أمثال المنكرين للبعث . وقرأ سلاّم أبو المنذر ويعقوب الحضرمي : « يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ » على أنه فِعْل . { بَلَىٰ } أي إن خلق السموات والأرض أعظم من خلقهم فالذي خلق السموات والأرض يقدر على أن يبعثهم . { وَهُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ } وقرأ الحسن بٱختلاف عنه « الْخَالِقُ » . قوله تعالى : { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } قرأ الكسائي « فَيَكُونَ » بالنصب عطفاً على « يقول » أي إذا أراد خلق شيءٍ لا يحتاج إلى تعب ومعالجة . وقد مضى هذا في غير موضع . { فَسُبْحَانَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } نزّه نفسه تعالى عن العجز والشرك . وملَكوتُ وَمَلَكُوتَي في كلام العرب بمعنى ملك . والعرب تقول : جَبَرُوتَي خيرٌ مِن رَحَمُوتَي . وقال سعيد عن قتادة : « مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ » مفاتح كل شيء . وقرأ طلحة بن مصرِّف وإبراهيم التيمي والأعمش ، « مَلَكَةُ » ، وهو بمعنى ملكوت إلا أنه خلاف المصحف . { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي تردّون وتصيرون بعد مماتكم . وقراءة العامة بالتاء على الخطاب . وقرأ السُّلَميّ وزِرّ بن حُبيش وأصحاب عبد الله « يَرْجعُونَ » بالياء على الخبر .