Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 69-70)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا } إشراقها إضاءتها يقال : أشرقت الشمس إذا أضاءت وشَرَقت إذا طلعت . ومعنى : { بِنُورِ رَبِّهَا } بعدل ربها قاله الحسن وغيره . وقال الضحاك : بحكم ربها والمعنى واحد أي أنارت وأضاءت بعدل الله وقضائه بالحق بين عباده . والظلم ظلمات والعدل نور . وقيل : إن الله يخلق نوراً يوم القيامة يلبسه وجه الأرض فتشرق الأرض به . وقال ابن عباس : النور المذكور هاهنا ليس من نور الشمس والقمر ، بل هو نور يخلقه الله فيضيء به الأرض . وروي أن الأرض يومئذٍ من فضة تشرق بنور الله تعالى حين يأتي لفصل القضاء . والمعنى أنها أشرقت بنورٍ خلقه الله تعالى ، فأضاف النور إليه على حدّ إضافة الملك إلى المالك . وقيل : إنه اليوم الذي يقضي فيه بين خلقه لأنه نهار لا ليل معه . وقرأ ابن عباس وعبيد بن عمير : { وأُشْرِقَتِ الأَرْضُ } على ما لم يسم فاعله وهي قراءة على التفسير . وقد ضل قوم هاهنا فتوهموا أن الله عز وجل من جنس النور والضياء المحسوس ، وهو متعال عن مشابهة المحسوسات ، بل هو منوّر السموات والأرض ، فمنه كل نور خلقا وإنشاء . وقال أبو جعفر النحاس : وقوله عز وجل : { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا } يبين هذا الحديث المرفوع من طرق كثيرة صحاح : " تنظرون إلى الله عز وجل لا تضامّون في رؤيته " وهو يروى على أربعة أوجه : لا تُضامُون ولا تضارُون ولا تضامُّون ولا تضارُّون فمعنى « لا تضامُون » لا يلحقكم ضيم كما يلحقكم في الدنيا في النظر إلى الملوك . و « لا تضارُون » لا يلحقكم ضير . و « لا تضامُّون » لا ينضم بعضكم إلى بعض ليسأله أن يريه . و « لا تضارُّون » لا يخالف بعضكم بعضاً يقال : ضارّه مُضارّة وضِراراً أي خالفه . قوله تعالى : { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ } قال ابن عباس : يريد اللوح المحفوظ . وقال قتادة : يريد الكتاب والصحف التي فيها أعمال بني آدم ، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله . { وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ } أي جيء بهم فيسألهم عما أجابتهم به أممهم . { وَٱلشُّهَدَآءِ } الذين شهدوا على الأمم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ } [ البقرة : 143 ] . وقيل : المراد بالشهداء الذين استشهدوا في سبيل الله ، فيشهدون يوم القيامة لمن ذبّ عن دين الله قاله السدي . قال ابن زيد : هم الحفظة الذين يشهدون على الناس بأعمالهم . قال الله تعالى : { وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ } [ قۤ : 21 ] فالسائق يسوقها إلى الحساب والشهيد يشهد عليها ، وهو الملك الموكل بالإنسان على ما يأتي بيانه في « قاف » . { وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ } أي بالصدق والعدل . { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } قال سعيد بن جبير : لا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم . { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ } من خير أو شر . { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } في الدنيا ولا حاجة به عز وجل إلى كتاب ولا إلى شاهد ، ومع ذلك فتشهد الكتب والشهود إلزاماً للحجة .