Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 115-116)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فيه مسألتان : الأُولى قال العلماء : هاتان الآيتان نزلتا بسبب ابن أبَيْرِق السارق ، لما حكم النبيّ صلى الله عليه وسلم عليه بالقطع وهرب إلى مكة وٱرتدّ قال سعيد بن جبير : لما صار إلى مكة نقب بيتاً بمكة فلحقه المشركون فقتلوه فأنزل الله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } إلى قوله : { فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً } . وقال الضحاك : قدِم نفر من قريش المدينة وأسلموا ثم ٱنقلبوا إلى مكة مرتدّين فنزلت هذه الآية { وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ } . والمشاقّة المعاداة . والآية وإن نزلت في سارق الدّرع أو غيره فهي عامة في كل من خالف طريق المسلمين . و { ٱلْهُدَىٰ } : الرشد والبيان ، وقد تقدّم . وقوله تعالى : { نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ } يقال : إنه نزل فيمن ٱرتدّ والمعنى : نتركه وما يعبد عن مجاهد . أي نِكله إلى الأصنام التي لا تنفع ولا تضر وقاله مقاتل . وقال الكلبي نزل قوله تعالى : { نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ } في ٱبن أُبَيرق لما ظهرت حاله وسرقته هرب إلى مكة وارتدّ ونقب حائطاً لرجل بمكة يقال له : حجّاج بنِ علاط ، فسقط فبقي في النّقْب حتى وُجد على حاله ، وأخرجوه من مكة فخرج إلى الشام فسرق بعض أموال القافلة فرجموه وقتلوه ، فنزلت : { نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً } . وقرأ عاصم وحمزة وأبو عمرو « نُوَلِّهْ » « ونُصْلِهْ » بجزم الهاء ، والباقون بكسرها ، وهما لغتان . الثانية قال العلماء في قوله تعالى : { وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ } دليل على صحة القول بالإجماع ، وفي قوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } ردّ على الخوارج حيث زعموا أن مرتكب الكبيرة كافر . وقد تقدّم القول في هذا المعنى . وروى الترمذِيّ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ما في القرآن آية أحبّ إليّ من هذه الآية : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ } قال : هذا حديث غريب . قال ابن فُورَك : وأجمع أصحابنا على أنه لا تخليد إلا للكافر ، وأن الفاسق من أهل القبلة إذا مات غير تائب فإنه إن عُذب بالنار فلا مَحالة أنه يخرج منها بشفاعة الرسول أو بٱبتداء رحمةٍ من الله تعالى . وقال الضحاك : إن شيخاً من الأعراب جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني شيخ منهمك في الذنوب والخطايا ، إلا أني لم أُشرِك بالله شيئاً منذ عرفته وآمنت به ، فما حالي عند الله ؟ فأنزل الله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ } .