Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 72-73)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ } يعني المنافقين . والتّبطِئة والإبطاء التأخّر ، تقول : ما أبطأك عنا فهو لازم . ويجوز بطأت فلانا عن كذا أي أخرته فهو متعدّ . والمعنيان مراد في الآية . فكانوا يقعدون عن الخروج ويُقعِدون غيرهم . والمعنى إن من دخلائكم وجنسكم وممن أظهر إيمانه لكم . فالمنافقون في ظاهر الحال من أعداد المسلمين بإجراء أحكام المسلمين عليهم . واللام في قوله { لَمَن } لام توكيد ، والثانية لام قسم ، و { منْ } في موضع نصب ، وصلتها { لَّيُبَطِّئَنَّ } لأن فيه معنى اليمين ، والخبر { مِنْكُمْ } . وقرأ مجاهد والنَّخَعي والكلَبْي { وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ } بالتخفيف ، والمعنى واحد . وقيل : المراد بقوله { وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ } بعض المؤمنين لأن الله خاطبهم بقوله : { وَإِنَّ مِنْكُمْ } وقد فرَق الله تعالى بين المؤمنين والمنافقين بقوله { وَمَا هُم مِّنكُمْ } [ التوبة : 56 ] وهذا يأباه مسَاق الكلام وظاهره . وإنما جمع بينهم في الخطاب من جهة الجنس والنسب كما بيّنا لا من جهة الإيمان . هذا قول الجمهور وهو الصحيح إن شاء الله تعالى ، والله أعلم . يدلّ عليه قوله : { فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ } أي قَتْلٌ وهزيمة { قَالَ قَدْ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيَّ } يعني بالقعود ، وهذا لا يصدر إلا من منافق لا سيّما في ذلك الزمان الكريم ، بعيد أن يقوله مؤمن . ويَنْظُر إلى هذه الآية ما رواه الأئمة عن أبي هريرة " عن النبي صلى الله عليه وسلم إخبارا عن المنافقين : « إن أثقل صلاة عليهم صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأَتوْهُما ولو حَبْواً » " الحديثَ . في رواية " ولو علم أحدهم أنه يجد عظما سَمينا لشهدها " يعني صلاة العشاء . يقول : لو لاح شيء من الدنيا يأخذونه وكانوا على يقين منه لبادروا إليه . وهو معنى قوله : { وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ الله } أي غنيمة وفتح { لَيَقُولَنَّ } هذا المنافق قول نادم حاسد { يٰلَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً } { كَأَن لَّمْ يَكُنِ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ } فالكلام فيه تقديم وتأخير . وقيل : المعنى { لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ يَكُنِ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ } أي كأن لم يعاقدكم على الجهاد . وقيل : هو في موضع نصب على الحال . وقرأ الحسن « ليقولنّ » بضم اللام على معنى « مَنْ » لأن معنى قوله « لمن ليبطئن » ليس يعني رجلا بعينه . ومن فتح اللام أعاد فوحّد الضمير على لفظ « مَن » . وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم « كأن لم تكن » بالتاء على لفظ المودة . ومن قرأ بالياء جعل مودّة بمعنى الوَدّ . وقول المنافق { يٰلَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ } على وجه الحسد أو الأسف على فوت الغنيمة مع الشك في الجزاء من الله . { فَأَفُوزَ } جواب التَمنيّ ولذلك نصب . وقرأ الحسن « فأفوزُ » بالرفع على أنه تمنى الفوز ، فكأنه قال : يا ليتني أفوز فوزاً عظيماً . والنصب على الجواب والمعنى إن أكن معهم أَفُزْ . والنصب فيه بإضمار « أن » لأنه محمول على تأويل المصدر التقدير يا ليتني كان لي حضورٌ ففوزٌ .