Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 75-75)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه ثلاث مسائل : الأولى قوله تعالى : { وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } حَضٌّ على الجهاد . وهو يتضمّن تخليص المستضعَفين من أيدي الكَفَرة المشركين الذين يسومونهم سوء العذاب ، ويفتنونهم عن الدّين فأوجب تعالى الجهاد لإعلاء كلمته وإظهار دينه واستنقاذ المؤمنين الضّعفاء من عباده ، وإن كان في ذلك تَلف النفوس . وتخليص الأسارى واجب على جماعة المسلمين إما بالقتال وإما بالأموال وذلك أوجب لكونها دون النفوس إذ هي أهون منها . قال مالك : واجب على الناس أن يَفْدُوا الأسارى بجميع أموالهم . وهذا لا خلاف فيه لقوله عليه السلام : " فُكوا العاني " وقد مضى في « البقرة » وكذلك قالوا : عليهم أن يُواسُوهم فإن المواساة دون المفاداة . فإن كان الأسير غنياً فهل يرجع عليه الفادي أم لا قولان للعلماء ، أصحّهما الرجوع . الثانية قوله تعالى : { وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ } عطف على اسم الله عزّ وجلّ ، أي وفي سبيل المستضعفين ، فإن خلاص المستضعفين من سبيل الله . وهذا اختيار الزَجّاج وقاله الزُّهري . وقال محمد بن يزيد : أختارُ أن يكون المعنى وفي المستضعفين فيكون عطفا على السبيل أي وفي المستضعفين لاستنقاذهم فالسبيلان مختلفان . ويعني بالمستضعفين من كان بمكة من المؤمنين تحت إذلال كفرة قريش وأذاهم وهم المعنيون بقوله عليه السلام : " اللهم أَنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعيّاش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين " وقال ٱبن عباس : كنت أنا وأمي من المستضعفين . في البخاري عنه { إلا المستضعَفين مِن الرجالِ والنساءِ والوِلدانِ } فقال : كنت أنا وأمي مِمن عَذَر الَّله ، أنا من الولدان وأمي من النساء . الثالثة قوله تعالى : { مِنْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهْلُهَا } القرية هنا مكة بإجماع من المتأولين . ووصفها بالظلم وإن كان الفعل للأهل لعُلقة الضمير . وهذا كما تقول : مررت بالرجل الواسِعة دارُه ، والكريم أبوه ، والحسنة جاريتُه . وإنما وصف الرجل بها للعُلْقة اللفظية بينهما وهو الضمير ، فلو قلت : مررت بالرجل الكريم عمرو لم تجز المسألة لأن الكرم لعمرو فلا يجوز أن يجعل صفة لرجل إلا بعلقة وهي الهاء . ولا تثنى هذه الصفة ولا تجمع ، لأنها تقوم مقام الفعل ، فالمعنى أي التي ظلم أهلها ولهذا لم يقل الظالمين . وتقول : مررت برجلين كريم أبواهما حسنةٍ جاريتاهما ، وبرجال كريم آباؤهم حسنةٍ جواريهم . { وَٱجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ } أي من عندك { وَلِيّاً } أي من يستنقذنا { وَٱجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ نَصِيراً } أي ينصرنا عليهم .