Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 23-27)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا } وهي التسع الآيات المذكورة في قوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } [ الإسراء : 101 ] وقد مضى تعيينها . { وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } أي بحجة واضحة بينة ، وهو يذكر ويؤنث . وقيل : أراد بالسلطان التوراة . { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ } خصهم بالذكر لأن مدار التدبير في عداوة موسى كان عليهم ففرعون الملك وهامان الوزير وقارون صاحب الأموال والكنوز فجمعه الله معهما لأن عمله في الكفر والتكذيب كأعمالهما . { فَقَالُواْ سَاحِرٌ كَـذَّابٌ } لما عجزوا عن معارضته حملوا المعجزات على السحر . قوله تعالى : { فَلَمَّا جَآءَهُمْ بِٱلْحَقِّ مِنْ عِندِنَا } وهي المعجزة الظاهرة { قَالُواْ ٱقْتُلُوۤاْ أَبْنَآءَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } قال قتادة : هذا قتل غير القتل الأول لأن فرعون كان قد أمسك عن قتل الولدان بعد ولادة موسى ، فلما بعث الله موسى أعاد القتل على بني إسرائيل عقوبة لهم فيمتنع الإنسان من الإيمان ولئلا يكثر جمعهم فيعتضدوا بالذكور من أولادهم ، فشغلهم الله عن ذلك بما أنزل عليهم من أنواع العذاب ، كالضفادع والقمّل والدّم والطوفان إلى أن خرجوا من مصر ، فأغرقهم الله . وهذا معنى قوله تعالى : { وَمَا كَـيْدُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } أي في خسران وهلاك ، وإن الناس لا يمتنعون من الإيمان وإن فعل بهم مثل هذا فكيده يذهب باطلاً . قوله تعالى : { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِيۤ أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ } « أَقْتُلْ » جزم لأنه جواب الأمر « وَلْيَدْعُ » جزم لأنه أمر و « ذَرُونِي » ليس بمجزوم وإن كان أمراً ولكن لفظه لفظ المجزوم وهو مبني . وقيل : هذا يدلّ على أنه قيل لفرعون : إنا نخاف أن يدعو عليك فيجاب فقال : « وَلْيَدْعُ رَبَّهُ » أي لا يهولنّكم ما يذكر من ربه فإنه لا حقيقة له وأنا ربكم الأعلى . { إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُـمْ } أي عبادتكم لي إلى عبادة ربه { أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلْفَسَادَ } إن لم يبدل دينكم فإنه يظهر في الأرض الفساد . أي يقع بين الناس بسببه الخلاف . وقراءة المدنيين وأبي عبد الرحمن السُّلَميّ وابن عامر وأبي عمرو : « وَأَنْ يُظْهِرَ في الأَرْضِ الْفَسَادَ » وقراءة الكوفيين « أَوْ أَنْ يَظْهَر » بفتح الياء « الْفَسَادُ » بالرفع وكذلك هي في مصاحف الكوفيين : « أو » بألف وإليه يذهب أبو عبيد قال : لأن فيه زيادة حرف وفيه فصل ولأن « أو » تكون بمعنى الواو . النحاس : وهذا عند حُذَّاق النحويين لا يجوز أن تكون بمعنى الواو لأن في ذلك بطلان المعاني ، ولو جاز أن تكون بمعنى الواو لما احتيج إلى هذا هاهنا لأن معنى الواو « إِنِّي أَخَافُ » الأمرين جميعاً ومعنى « أَوْ » لأحد الأمرين أي « إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ » فإن أعوزه ذلك أظهر في الأرض الفساد . قوله تعالى : { وَقَالَ مُوسَىٰ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُـمْ } لما هدده فرعون بالقتل استعاذ موسى بالله { مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ } أي متعظم عن الإيمان بالله ، وصفتُه أنه { لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } .