Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 38-44)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُونِ } هذا من تمام ما قاله مؤمن آل فرعون أي اقتدوا بي في الدين . { أَهْدِكُـمْ سَبِيـلَ ٱلرَّشَـادِ } أي طريق الهدى وهو الجنة . وقيل : من قول موسى . وقرأ معاذ بن جبل « الرَّشَّادِ » بتشديد الشين وهو لحن عند أكثر أهل العربية لأنه إنما يقال أرشد يُرشِد ولا يكون فَعَّال من أفعل إنما يكون من الثلاثي ، فإن أردت التكثير من الرباعي قلت : مِفْعال . قال النحاس : يجوز أن يكون رشَّاد بمعنى يرشد لا على أنه مشتق منه ، ولكن كما يقال لاَّال من اللؤلؤ فهو بمعناه وليس جارياً عليه . ويجوز أن يكون رشاد من رشد يرشد أي صاحب رشَّاد كما قال : @ كِـلـيـنِـي لِـهَـمٍّ يَـا أمَـيْـمَـة نـاصِـبِ @@ الزمخشري : وقرىء « الرَّشَّادِ » فَعَّال من رَشِد بالكسر كعَلاَّم أو من رَشَد بالفتح كعبّاد . وقيل : من أرشد كجبّار من أجبر وليس بذاك لأن فعّالا من أفعل لم يجىء إلا في عدّة أحرف : نحو دراك وسأَّرٍ وقصَّار وجَبَّار . ولا يصح القياس على هذا القليل . ويجوز أن يكون نسبته إلى الرشد كعوَّاج وبتّات غير منظور فيه إلى فعل . ووقع في المصحف « اتَّبِعُونِ » بغير ياء . وقرأها يعقوب وابن كثير بالإثبات في الوصل والوقف . وحذفها أبو عمرو ونافع في الوقف وأثبتوها في الوصل ، إلا وَرْشاً حذفها في الحالين ، وكذلك الباقون لأنها وقعت في المصحف بغير ياء ومن أثبتها فعلى الأصل . قوله تعالى : { يٰقَوْمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا مَتَاعٌ } أي يتمتع بها قليلاً ثم تنقطع وتزول . { وَإِنَّ ٱلآخِرَةَ هِيَ دَارُ ٱلْقَـرَارِ } أي الاستقرار والخلود . ومراده بالدار الآخرة الجنة والنار لأنهما لا يفنيان . بيّن ذلك بقوله : { مَنْ عَمِـلَ سَـيِّئَةً } يعني الشرك { فَلاَ يُجْزَىٰ إِلاَّ مِثْلَهَا } وهو العذاب . { وَمَنْ عَمِـلَ صَالِحاً } قال ابن عباس : يعني لا إِلٰه إِلاَّ الله . { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } مصدق بقلبه لله وللأنبياء . { فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ } بضم الياء على ما لم يسم فاعله . وهي قراءة ابن كثير وابن مُحَيْصن وأبي عمرو ويعقوب وأبي بكر عن عاصم ، يدل عليه { يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ } الباقون « يَدْخُلُونَ » بفتح الياء . قوله تعالى : { وَيٰقَوْمِ مَا لِيۤ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ٱلنَّجَاةِ } أي إلى طريق الإيمان الموصل إلى الجنان { وَتَدْعُونَنِيۤ إِلَى ٱلنَّارِ } بيّن أن ما قال فرعون من قوله : { وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ } سبيل الغيّ عاقبته النار وكانوا دعوه إلى اتباعه ولهذا قال : { تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ } وهو فرعون { وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلْغَفَّارِ } . { لاَ جَرَمَ } تقدّم الكلام فيه . ومعناه حقاً . { أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ } « مَا » بمعنى الذي { لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ } قال الزجاج : ليس له استجابة دعوة تنفع وقال غيره : ليس له دعوة توجب له الألوهية { فِي ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِي ٱلآخِرَةِ } . وقال الكلبي : ليس له شفاعة في الدنيا ولا في الآخرة . وكان فرعون أوّلاً يدعو الناس إلى عبادة الأصنام ، ثم دعاهم إلى عبادة البقر ، فكانت تُعبَد ما كانت شابة ، فإذا هَرِمت أمر بذبحها ، ثم دعا بأخرى لتعبد ، ثم لما طال عليه الزمان قال أنا ربكم الأعلى . { وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } قال قتادة وابن سيرين : يعني المشركين . وقال مجاهد والشعبي : هم السفهاء والسفاكون للدماء بغير حقّها . وقال عِكرمة : الجبارون والمتكبّرون . وقيل : هم الذين تعدوا حدود الله . وهذا جامع لما ذكر . و « أَنَّ » في المواضع في موضع نصب بإسقاط حرف الجر . وعلى ما حكاه سيبويه عن الخليل من أن « لاَ جَرَمَ » رد لكلام يجوز أن يكون موضع « أَنَّ » رفعاً على تقدير وجب أن ما تدعونني إليه ، كأنه قال : وجب بطلان ما تدعونني إليه ، والمردّ إلى الله ، وكون المسرفين هم أصحاب النار . قوله تعالى : { فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ } تهديد ووعيد . و « ما » يجوز أن تكون بمعنى الذي أي الذي أقوله لكم . ويجوز أن تكون مصدرية أي فستذكرون قولي لكم إذا حلّ بكم العذاب . { وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } أي أتوكل عليه وأسلم أمري إليه . وقيل : هذا يدل على أنهم أرادوا قتله . وقال مقاتل : هرب هذا المؤمن إلى الجبل فلم يقدروا عليه . وقد قيل : القائل موسى . والأظهر أنه مؤمن آل فرعون وهو قول ابن عباس .