Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 37-39)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ } علاماته الدالة على وحدانيته وقدرته { ٱللَّيْلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } وقد مضى في غير موضع . ثم نهى عن السجود لهما لأنهما وإن كانا خلقين فليس ذلك لفضيلة لهما في أنفسهما فيستحقان بها العبادة مع الله لأن خالقهما هو الله ولو شاء لأعدمهما أو طمس نورهما . { وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ } وصورهنّ وسخرهنّ فالكناية ترجع إلى الشمس والقمر والليل والنهار . وقيل : للشمس والقمر خاصة لأن الاثنين جمع . وقيل : الضمير عائد على معنى الآيات { إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } وإنما أنث على جمع التكثير ولم يجر على طريق التغليب للمذكر والمؤنث لأنه فيما لا يعقل . { فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ } يعني الكفار عن السجود لله { فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ } من الملائكة { يُسَبِّحُونَ لَهُ بِٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ } أي لا يملون عبادته . قال زهير : @ سَئِمتُ تَكاليف الحياةِ ومَنْ يَعِشْ ثمانِين حَوْلاً لا أبَا لَكَ يَسْأَمِ @@ مسألة : هذه الآية آية سجدة بلا خلاف واختلفوا في موضع السجود منها . فقال مالك : موضعه { إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } لأنه متصل بالأمر . وكان عليّ وابن مسعود وغيرهم يسجدون عند قوله : { تَعْبُدُونَ } . وقال ابن وهب والشافعي : موضعه { وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ } لأنه تمام الكلام وغاية العبادة والامتثال . وبه قال أبو حنيفة . وكان ابن عباس يسجد عند قوله : « يَسْأَمُونَ » . وقال ابن عمر : اسجدوا بالآخرة منهما . وكذلك يروى عن مسروق وأبي عبد الرحمن السلمي وإبراهيم النخعي وأبي صالح ويحيـى بن وثاب وطلحة وزبيد الياميَّين والحسن وابن سيرين . وكان أبو وائل وقتادة وبكر بن عبد الله يسجدون عند قوله : « يَسْأَمُونَ » . قال ابن العربي : والأمر قريب . مسألة : ذكر ابن خُوَيْزِمَنْدَاد : أن هذه الآية تضمنت صلاة كسوف القمر والشمس وذلك أن العرب كانت تقول : إن الشمس والقمر لا يكسفان إلا لموت عظيم ، فصلى النبيّ صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف . قلت : صلاة الكسوف ثابتة في الصحاح البخاري ومسلم وغيرهما . واختلفوا في كيفيتها اختلافاً كثيراً ، لاختلاف الآثار ، وحسبك ما في صحيح مسلم من ذلك ، وهو العمدة في الباب ، والله الموفق للصواب . قوله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَاشِعَةً } الخطاب لكل عاقل أي « وَمِنْ آيَاتِهِ » الدالة على أنه يحيي الموتى { أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَاشِعَةً } أي يابسة جدبة هذا وصف الأرض بالخشوع قال النابغة : @ رمادٌ كَكُحْلِ الْعَيْنِ لأْياً أُبِينُهُ ونُوْيٌ كَجِذْمِ الْحَوْضِ أَثْلَمُ خاشِع @@ والأرض الخاشعة : الغبراء التي تنبت . وبلدة خاشعة : أي مغبرة لا منزل بها . ومكان خاشع . { فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ } أي بالنبات قاله مجاهد . يقال : اهتز الإنسان أي تحرك ومنه : @ تراه كَنَصْلِ السيفِ يَهْتَزُّ لِلنَّدى إذا لم تَجِدْ عِند امرِىء السَّوْءِ مَطْمَعا @@ { وَرَبَتْ } أي انتفخت وعلت قبل أن تنبت قاله مجاهد . أي تصعدت عن النبات بعد موتها . وعلى هذا التقدير يكون في الكلام تقديم وتأخير وتقديره : ربت واهتزت . والاهتزاز والربو قد يكونان قبل الخروج من الأرض وقد يكونان بعد خروج النبات إلى وجه الأرض فرُبُوُّها ارتفاعها . ويقال للموضع المرتفع : ربوة ورابية فالنبات يتحرك للبروز ثم يزداد في جسمه بالكبر طولاً وعرضاً . وقرأ أبو جعفر وخالد « وَرَبَأَتْ » ومعناه عظمت من الربيئة . وقيل : « اهْتَزَّتْ » أي استبشرت بالمطر « وَرَبَتْ » أي انتفخت بالنبات . والأرض إذا انشقت بالنبات : وُصِفت بالضحك ، فيجوز وصفها بالاستبشار أيضاً . ويجوز أن يقال الربو والاهتزاز واحد وهي حالة خروج النبات . وقد مضى هذا المعنى في « الحج » { إِنَّ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاهَا لَمُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } تقدم في غير موضع .