Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 34-35)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا } أي وإن يشأ يجعل الرياح عواصف فيوبق السفن أي يغرقهن بذنوب أهلها . وقيل : يوبق أهل السفن . { وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ } من أهلها فلا يغرقهم معها حكاه الماوردي . وقيل : « وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ » أي ويتجاوز عن كثير من الذنوب فينجيهم الله من الهلاك . قال القُشَيرِيّ : والقراءة الفاشية « وَيَعْفُ » بالجزم ، وفيها إشكال لأن المعنى : إن يشأ يسكن الريح فتبقى تلك السفن رواكد ويهلكها بذنوب أهلها ، فلا يحسن عطف « يَعْفُ » على هذا لأنه يصير المعنى : إن يشأ يعف ، وليس المعنى ذلك بل المعنى الإخبار عن العفو من غير شرط المشيئة ، فهو إذاً عطف على المجزوم من حيث اللفظ لا من حيث المعنى . وقد قرأ قوم « ويعفو » بالرفع ، وهي جيدة في المعنى . { وَيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } يعني الكفار أي إذا توسطوا البحر وغشيتهم الرياح من كل مكان أو بقيت السفن رواكد علموا أنه لا ملجأ لهم سوى الله ، ولا دافع لهم إن أراد الله إهلاكهم فيخلصون له العبادة . وقد مضى هذا المعنى في غير موضع ، ومضى القول في ركوب البحر في « البقرة » وغيرها بما يغني عن إعادته . وقرأ نافع وابن عامر « وَيَعْلَمُ » بالرفع ، الباقون بالنصب . فالرفع على الاستئناف بعد الشرط والجزاء كقوله في سورة التوبة : { وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ } [ التوبة : 14 ] ثم قال : { وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ } [ التوبة : 15 ] رفعاً . ونظيره في الكلام : إن تأتني آتك وينطلقُ عبد الله . أو على أنه خبر ابتداء محذوف . والنصب على الصرف كقوله تعالى : { وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ } [ آل عمران : 142 ] صرف من حال الجزم إلى النصب استخفافاً كراهيةً لتوالي الجزم كقول النابغة : @ فإن يَهْلِك أبو قابوسَ يهلِكْ ربيعُ الناس والشهرُ الحرامُ ويُمْسِكْ بعده بذِناب عَيْشٍ أَجَبِّ الظَّهْرِ ليس له سَنام @@ وهذا معنى قول الفرّاء ، قال : ولو جزم « ويعلم » جاز . وقال الزجاج : نصب على إضمار « أن » لأن قبلها جزماً تقول : ما تصنعْ أصنعْ مثله وأكرمَك . وإن شئت قلت : وأكرمْك بالجزم . وفي بعض المصاحف « وليعلم » . وهذا يدل على أن النصب بمعنى : وليعلم أو لأن يعلم . وقال أبو علي والمبرّد : النصب بإضمار « أن » على أن يجعل الأوّل في تقدير المصدر أي ويكون منه عَفْوٌ وأن يعلم فلما حمله على الاسم أضمر أن ، كما تقول : إن تأتني وتعطيني أمرك ، فتنصب تعطيني أي إن يكن منك إتيان وأن تعطيني . ومعنى { مِّن مَّحِيصٍ } أي من فرار ومهرب قاله قُطْرُب . السدي : من ملجأ . وهو مأخوذ من قولهم : حاص به البعير حيصة إذا رمى به . ومنه قولهم : فلان يحيص عن الحق أي يميل عنه .